وعن علي بن الجعد قال: رأيت (محمد بن عبد الله بن علاثة) (?)،

وعافية بن يزيد وقد شرَكَ المهدي بينهما في القضاء، يقضيان جميعًا في المسجد

الجامع في الرُصافة، هذا في أدناه وهذا في أقصاه، وكان عافية أكثرهما دخولًا

على المهدي.

وعن إسماعيل القاضي، عن أشياخه قال: كان عافية عالمًا زاهدًا، فصار

إلى المهدي ومعه قمطره (?) فاستعفاه من القضاء، قال ما سبب استعفائك؟ قال:

يتقدم (إلي) (?) خصمان موسران وجيهان منذ [شهرين] (4) في قضية معضلة

مُشكلة، وكل يدَّعي بينة وشهودًا، فرددتهم رجاء أن يصطلحوا أو يعن لي وجه

فَصل ما بينهما، فوقف أحدهما من خبري على أني أحب الرُّطب السكر، فعمد

في وقتنا وهو أول أوقات الرطب إلى أن جمع رطبًا سكرًا لا يتهيأ في وقتنا جمع

مثله إلا لأمير المؤمنين، وما رأيت أحسن منه، ورشا بوابي جملة دراهم على أن

يدخل الطبق إفي، فلما دخل (إلي) (?) أنكرت ذلك، وضربت بوابي وأمرت

بردِّ الطبق، فَرُدَّ، فلما كان اليوم تَقدَّم إلي مع خصمه فما تساويا في قلبي ولا

في عيني، هذا يا أمير المؤمنين ولم أقبل فكيف لو قبلت! ولا آمن

أن تقع علي حيلة في ديني فأهلك، فأقلني أقالك الله، فأعفاه.

وعن أبي عبد الله بن الأعرابي قال: خاصم أبو دلامة رجلًا إلى عافية فقال:

لقد خاصمتني غواةُ الرجال ... وخاصمتهم سنةً وافيه

فما أدحضَ اللهُ لي حجةٌ ... وما خيب اللهُ لي قافيه

فمن كنت من جُوره خائفًا ... فلست أخافك يا عافيه

فقال عافية: لأشكونك إلى أمير المؤمنين. قال: لم؟ قال: لأنك

هجوتني. قال: والله لئن شكوتني إليه ليعزلنك. قال: ولم؟ قال: لأنك لا

تعرف الهجاء من المدح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015