هذا وقد كان أمير بريدة إذ ذاك "مبارك بن مبيريك" الورع الحليم العاقل المتعفف جزاه الله خيرًا، وكان هذا الرجل يستر العورات وينصح للأمة فأعيد في إمارة بريدة للمرة الثانية بعدما عزل عنها الأمير "تركي بن ذعار" ولما أن كان في شوال قدم الشيخ عمر إلى بريدة عائدًا من الحجاز فابتهجت به وجوه الأهالي.
وفيها أنشئ في بريدة عاصمة القصيم محطة التلغراف اللاسلكي، فانزعج الناس لذلك وأحدث عند العامة تشويشًا فذهبوا إلى القاضي عبد الله بن محمد بن سليم يأخذون رأيه فطمنهم وأمرهم بالسكينة فقاموا مقتنعين وقد ذهب كل ما يجدونه في نفوسهم، ولما جاءت به أخبار الأهلة والطلاق والأحداد عرفوا تلك المصالح التي وفرت للأمة شيئًا كثيرًا فنسأل الله البصيرة في أمور ديننا ودنيانا.
قد بيَّت أعداء الحكومة السعودية لها نية القيام بثورتين في وقت واحد حتى استوفوا شرائطهما -الأولى كانت في الشمال وهي فتنة ابن رفادة، والثانية في الجنوب وهي فتنة الأدارسة، ولكن من توفيق الله للحكومة السعودية اختلاف الثورتين في الميعاد، فنقل إلى الحكومة في شوال من هذه السنة أن أعداءها بيتوا النية على الثورة، واتخذوا سبيلًا لذلك فأخذ ابن سعود التدابير، وقضى على فتنة ابن رفادة.
كان حامد بن سالم بن رفادة من سكان الحجاز وقطن به إلى سنة 1347 هـ، ثم قام بفتنة في الوجه فضربته الحكومة السعودية ضربة فرَّ على أثرها إلى الديار المصرية، واتخذ له مسكنًا بالقاهرة، وظل مقيمًا بها حتى غادرها للقيام بهذه الحركة، ولم يكن حامد قد نسي الضربة التي أقصته عن بلاده، ولم يعد كما كان شيخًا لقبيلة "بلي" فأضمر العداء لحكومة بلاده وأخذ يتصل بالعدو أملًا في النهوض بثورة على الحكومة طمعًا في السيادة والانتقام وأطمعهم في الكسب حتى استطاع أن يجمع بضع مئات بمساعدة "محمد بن عبد الرحيم أبي