والدي به، واستهلك كلما في القدرة والمستطاع ولم نجد مساعدًا على دفاعنا عن أوطاننا وبلادنا، وحرم الله المقدس، وقبر نبيه الشريف، مما حل بها لا بالمال ولا بالعمل بقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9]، إلى أخر الأمر الذي أزعجني عن إتمام واجبي أمام الله، وأمامكم وأمام جندكم الباسل وأمام بلادي العزيزة ووطني الشريف المقدس، فها أن اليوم مضطر لأن أصرح لكم بأن لهذه الاعتبارات، وحبًا في رفع ما سببته هذه الحرب الضروري من الضرر والوبال على البلاد وحقنا لما تسببه لو طالت من سفك الدماء والأنفس الغالية وفتحا للباب الذي أو صد بسببها في وجه الوفاد والقصاد رجحت الانسحاب من الحرب، ودخلت في مفاوضة تضمن السلام وتصون الحقوق لكم جميعًا، فكونوا على معلوم، فآمركم وأرجوكم تطبيق كل ما جرى عليه القرار وتنفيذه لحفظ السكينة والحقوق العمومية والشخصية، وإني أرجو لكم مستقبلًا حميدًا وراجيًا منكم الصفح عن الزلات والخطأ والهفوات، وإني أشكركم من صميم فؤادي وخصوصًا من وقف إلى الآن بهذه البلدة التي لها الصفحة البيضاء في تاريخها المجيد، بل الأمة العربية أجمع تشكركم على ثباتكم الشريف ووقوفكم الحميد ونضالكم الحسن دون استقلال بلادكم وتمتع شعبكم وتطلبكم في قضيتكم المقدسة التي لا تنسى لكم بين دفتي التاريخ، تلك القضية التي ستبقى لكم لؤلؤة بيضاء تلمع في جبين الدهر وجوهرة نقية تضيء في تاج هذا العصر، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا، وقد شكلت حكومة مؤقتة أهلية للنظر في الأمور، يرأسها قائم مقام "الشيخ عبد الله زينل" مع بقاء جميع كبار الوظفين الأهليين.
نسأله تعالى أن يلطف بنا وبعباده المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أنه على ما يشاء قدير وإني أستودعكم الله وأودعكم بعينه التي لا تنام وقد قمت بواجي والله ولي ووليكم في كل حال وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم.
علي بن الحسين