رجال حكومته يتشاورون معه فيما ينبغي عمله، وتوالت البرقيات من حامية المدينة بطلب الأرزاق اللازمة للجند وإلا اضطروا إلى التسليم فضاقت عليه الأرض كما رحبت ولم يجد ما يجيبهم به غير المطل والتسويف فبعث أمير المدينة "الشريف شحات" رسولًا إلى جلالة الملك عبد العزيز في بحرة واسم الرسول "مصطفى عبد العالي" بكتاب يعرض فيه التسليم على شرط أن يؤمن الأهلون والموظفون على أرواحهم وأموالهم ثم يسأل السلطان أن يرسل أحد أفراد العائلة السعودية لهذه الغاية فعاد السلطان إلى مكة وجهز نجله الأمير محمدًا فزحف بفرقة من الجند إلى المدينة في 23 ربيع الثاني ودنا من أسوارها فلما عرض على الحكومة والأهالي ما كان قادمًا من أجله أبت قيادة الحامية التسلم لأنها كانت تنتظر المدد من جده، وقد أبرقت في 5 جمادى الأولى إلى جلالة علي الشريف تقول الذي يهمنا الأرزاق للجند وعدتمونا بإرسال الدراهم المتيسرة بالطيارة وإلى الآن لم نرى أثرًا لها دبروا وأرسلوا لنا دراهم ولو بيع إحدى البواخر فترون منا ما يسركم.
وكان الأمير محمَّد بن عبد العزيز يشدد الحصار على المدينة بدون قتال عملًا بأوامر والده، فلما كان في 13 من هذا الشهر أبرقت القيادة إلى جلالة الملك علي بجدة تقول انقضى الأمر ولم يبق في اليد حيلة، الجنود ما عندهم أرزاق إلا لثلاثة أيام إذا لم تصل الطيارة غدًا الظهر فسنفاوض العدو.
الإمضاءات
عزت عبد الله عمير، عبد المجيد حمد
فجاء الجواب أنه يستحيل إرسال الطيارة قبل عشرة أيام لعدم وجود بنزين ثم مرت الأيام الثلاثة فنفدت مؤونة الحامية ومع ذلك فقد صبر الجنود ثلاثة أيام أخرى ثم في صباح الجمعة اضطر قائد حامية المدينة المنورة عبد المجيد المدفعي، ورئيس ديوان الإمارة عبد الله عمير، وعزت أفندي مدير الخط الحجازي إلى مفاوضة الأمير محمَّد بن عبد العزيز بكتاب طلبوا فيه ملاقاته فأرسل الأمير خيالة لاستقبالهم وقد فاوضوه بالتسليم على شرط أن يعطى الجنود والضباط والأهالي الأمان ويعلن العفو العام.