قصدهم النهب والسلب، فاختلطت هذه الجموع في ظلمات الليل، وكانت ساعة هول مزعج، وشرع العربان والبدو يطوقون الأبواب ويكسرونها ويدخلون البيوت إما قهرًا وإما بعد أن يؤمنوا أصحابها، ثم يعملون فيها أيدي النهب والسلب، وكانوا يقتلون في سبيل السلب من يتعرض لهم ولكنهم لم يقتلوا من النساء سوى امرأة واحدة، ولا كانوا يتعرضون لهن إلا إذا أَبَيْنَ أن يدللنهم على الكنوز والسلاح.
وكان لهذا الحادث أعني كسر البيوت والسلب ألم في نفس السلطان عبد العزيز، وحين بلغه ذلك أمر بتأليف لجنة لتقرير الخسائر والتعويض على المنكوبين من الأهالي من الهنود والجاوبين وغيرهم، ودفع عشرة آلاف ليرة من التعويضات، وأقامت اللجنَة مدة من الزمان تواصل عملها، ولكن ذلك له مسوغ:
أولًا: يعلم أن الحروب لاشك عمياء، ولا بد لها من ضحايا خصوصًا، إذا دخل الهاجمون ليلًا.
ثانيًا: تسبب بعض الأهالي لذلك لأنهم جعلوا يطلقون على الإخوان البنادق من شبابيك البيوت ونوافذها، فحملهم على أن دخلوا البيوت عنوة وفتكوا برجالها، وإنما ذكرنا ذلك لأن دعاة البيت الهاشمي اتخذوا حادثة الطائف آلة للتشهير بعدوهم، واخذوا يصفون فظائعها وأهوالها، حتى بالغت الدعاة بأن الوهابيين شقوا بطون النساء وأخرجوا أولادها، وكل هذا كذب لا أصل له، ولو كان أمراء الجيش حاضرين لما وقع سيء من الضرر، وشاهد على ذلك فتح حائل فقد كانت أقرب إلى أن تخرب وتقتل رجالها، لما هناك من الضغائن القديمة فراجعه هل وقع شيء من التدمير والشراسة، بل غمرهم الفاتح بعطفه وإحسانه، وقسم عليهم الثياب والأرزاق، فقبح الله دعاة السوء ما أمقتهم وأرذلهم وأكذبهم.
كان منهم مفتي الشافعية الزواوي، وقد قيل أنه قتل بقنبلة من مدافع الأشراف،