صاحب العظمة عبد العزيز أمر أولًا بغزو الشرق العربي قبل الزحف إلى الحجاز وهذا الغرض حربي، لإنها لم تكن هذه الغزوة بدون أسباب تبررها. قد تقدم البيان فيما كان بين حكومتي نجد وشرقي الأردن من النزاع المتواصل، وحجت الحكومة الأردنية استرجاع الجوف وقرى الملح، وإذا كانت جنود ابن سعود قد احتلت تلك القرى فما الداعي إذًا إلى تجاوزها إلى الحد وإلى الغرو فيقال: الداعي أن هناك تعديات وجرائم ذكرت في مطالب نجد في مؤتمر الكويت، فقد أغار ابن سليمان بن جازي من شيوخ الحويطات على قافلة من تجار نجد في طريقهم إلى الشام، فقتلوا ثمانية من رجالها، ونهبوا ما يزيد على سبعمائة بعير، وكذا تكررت الإغارات على أهل نجد من عربان الحويطات وبني صخر الذين كان الأمير عبد الله يقربهم منه ويجز لهم العطايا فبلغت المنهوبات ألف بعير، وأربعين فرسا من الخيل ما عدا الأحمال التي تقدر بثمانيين ألف ليرة عثمانية.
ولما أن طلب السلطان عبد العزيز أن تغرم قبيلة بني صخر بمئتي ألف ليرة
ضمانة لسلامة التجارة والتجار بين نجد وسوريا، لم تكترث الحكومة الأردنية لهذا الطلب، ولم تعره اهتمامًا، وذلك احتقار للخصم، وعدم مبالاة بما يوغر الصدور، فعندها عمد السلطان إلى القوة.
لما كان في أوائل محرم زحف الإخوان من أطراف وادي سرحان وعددهم يتراوح بين الألفين والثلاثة آلاف، فالتقوا في طريقهم بثلة من جنود شرق الأردن، عددهم مع رجال الحملة خمسة وعشرون، وهم سائرون إلى القصر الأزرق، فيحملون المؤن والذخير، إلى الحامية فيه، فذبحوهم إلا واحدًا وغنموا الحملة كلها، ثم تقدموا غربًا، فهجموا على الطنيب وأم العمد والقسطل ويادودة، وكادوا بعد أن اجتاز فريق منهم سكة الحديد، أن يصلوا العاصمة أولئك الإخوان (?) وربك لا يعرفون نظامًا، ولا يخافون دولة، ولا يهابون موتًا، وما كان إلا أن أذن لهم في الغزو، فطاروا مجاهدين، فليسوا بأهمية من سطوة شريف ولا ضيع، فلما حصل