الهجر هي مساكن البدو التي أمرهم بلزومها الإِمام عبد العزيز بن عبد الرحمن، والداعي لذلك ثلاثة أمور هي: تعليم البدو الدين، ونفعهم بأرض يحرثونها، والاستيلاء عليهم، فباشر ابن سعود تلك المهمة للإصلاح الكبير، وكان يرسل المطاوعة إلى البادية ليعلموا أهلها التوحيد والفرائض وكان يعين بقعة من الأرض فيها ماء لقبيلة أو لفخذ منها فتنتقل إليها وتباشر بناية البيوت فيها ويساعدهم ماليًا في بناء البيوت الجديدة، ولقد كان ذلك صعبًا على البدو إذ من المعلوم أن رزق البدوي أباعره فما زالت عنده لا تزال البادية تستغويه فيروح في ساعات الضمير طالبًا الرزق حلالًا وحرامًا غز وَا أو غيره فلذلك جبر البدو على بيع جمالهم وألزمهم ليعيشوا كالحاضرة.
فيا عجبًا لأمر البدو وحيث لا يستريحون ولا يريحون فما مثلهم إلا كالسراب يلوح للظمآن ولقد قال الله عَزَّ وَجَلَّ فيما نزل: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ الله عَلَى رَسُولِهِ}، فقد كان البدو منذ القدم غزاة عصاة عتاة ولهم غريزة دينية غذتها الخرافات ومطامع تكاد تنحصر بالأقوات ولكنهم في طاعتهم وإخلاصهم وجهادهم وولائهم لا يحتملون فوق طاقتهم يحاربون ويشدون ويخونون ويغدرون وهم وإن غلوا في دينهم فإن ردتهم سريعة، دعاهم مسيلمة فلبوه ثم دعاهم ابن طاهر القرمطي فضاربوا معه كالبنيان المرصوص، ثم تشتتوا بعد كسرة القرامطة ثم بعدها بنوا القباب على القبور وعلقوا الرقاع على الأشجار.
ثم لما قام الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب قدس الله روحه جعل يبين لهم أن الدعاء والعبادة لله وحده وجاء يعلمهم التوحيد بمساعدة سيف بن سعود ولكنهم في كل أطوارهم بدو لا يحملون شيئًا في جيوبهم ولا في قلوبهم بل لا جيوب لهم ولا قلوب رفاقك في الطريق اليوم وأعداؤك غدًا وجل مقصودهم هو الطمع، أما