هذه الكلمة التي يأخذها من فاتحة الكتاب إذا هو أعلن الحرب: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، صبرنا على مبارك صبرًا جميلًا وأمثلنا منه شيئًا كثيرًا وفادينا من أجله بالمال والرجال وما نحن بصابرين إلى الأبد {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} وختمت هذه السنة بتلك التقلبات فالله المستعان.
استهلت هذه السنة والكتب تتبادل بين الإنكليز وبين الشريف حسين، وكانت المفاوضات في هذه السنة مستمرة بين عدن وجيزان وبين القاهرة ومكة وبين أبي شهر والرياض، وذلك من جهة الحكومة البريطانية تستجلب أمراء العرب ليدخلوهم في تلك الحرب الضروس في صف الأحلاف، وفعلًا بادر أمراء العرب إلى ذلك، وقد انضم الإدريسي إلى الحلفاء وحمل على الترك حملات منكرة ثم لبى ابن سعود ذلك الطلب وعقد وإياهم معاهدة بعد ستة أشهر، كما أن الشريف يفاوض عميد بريطانيا العظمى في القاهرة، والغرض في إدخال العرب في سلك الأحلاف والوقوف بصفهم هو محاربة الأتراك وصدهم عن تأليف كتلة عربية يقفون بها في وجه بريطانيا العظمى هناك فيقطعون عليها طريق الهند.
ولما كان في 8 صفر من هذه السنة جاء كتاب من نائب ملك مصر إلى الشريف قال فيه: من نائب ملك الإنكليز إلى الشريف حسين أمير مكة إلى صاحب الإصابة والرفعة وشرف، المحترم سلالة بيت النبوة والحسب الطاهر، والنسب الفاضل، دولة الشريف المعظم السيد حسين بن علي أمير مكة المكرمة قبلة الإِسلام والمسلمين أدامه الله في رفعةٍ وعلاء، ثم إنه صرح بالمبالغة بالمديح والثناء وخدع والله صاحبه بذلك، ثم إنه تكلم بخصوص الحدود وأفصح عن نصح الإنكليز للعرب، ثم قال بعد تلك العبارات العذبة، وإن حكومة بريطانيا مستعدة لتنفيذ تطلباته هذا وعربونًا على صدق نيتنا ولأجل مساعدتكم في مجهوداتكم في غايتنا المشتركة، فإني مرسل مع رسولكم الأمير مبلغ عشرين ألف جنيه، وأقدم في الختام عاطر التحيات القلبية