ثم قدم من المدينة وفد عثماني يحمل إلى ابن سعود عشرة آلاف ليرة، وينزلف منه بواسطة صديقه محمود شكر الآلوسي أحد أعضاء الوفد، ثم خرج من الحجاز الأمير عبد الله بن الشريف حسين موافدًا من والده للنظر في المسألة التي كتب عبد العزيز بخصوصها فاجتمع على الحدود بمندوب ابن سعود وافتراق الاثنان كما اجتمعا دون أن يقررا شيئًا.
والحقيقة أن الشريف يتحين الفرص للهجوم على ابن سعود تنفيذًا كما قيل لتلك المعاهدة التي وصفها الأمير خالد بن لؤي في قوله اكتب له ورقة تنفعه عند الترك ولا تضرك.
أما ابن رشيد فقد أجاب بصراحة بقوله: إني رجل من رجال الترك فأحارب إذا حاربت، وأصالح إذا صالحت وكتب مبارك بن صباح يخبر ولده عبد العزيز بأن "اللورد هاردنغ" حاكم الهند قادم إلى البصرة، ومن رأيي يا ولدي أن تقدم أنت إلينا للمفاوضة.
فلما رأى جلالة الملك عبد العزيز هذه الرياح المتحركة والعواصف المكدرة، جعل يعمل بما تقتضيه المصلحة، فرد وفد الآلوسي ردًا حسنًا، وقال لمحمود شكري إنها كما ترى فلا يمكنني مقاومة الإنكليز بعد احتلالهم البصرة، أما طالب النقيب فإنه بعد ذلك الاحتلال يخشى الرجوع إلى بلده، فتوسط ابن سعود من أجله فأذن له الإنكليز، وعاد كما عاد الآلوسي خائب الأمل.
كان لألمانيا طراد سمي باسم بلدة تسمى أمدن، وهي ميناء في ألمانيا، وقد فعل هذا الطراد أفعالًا عظيمة بهمة قائده الكابتن "كارل فون مولر في الأقيانوس" الهندي بخليج بنغال وغيره، تشهد له بالمقدرة وتقر له بالشجاعة والإقدام، فقد قهر وأغرق ما بين بواخر تجارية ومدرعات حربية ما ينوف عن ثلاثين، تقدر قيمتها بستمائة وخمسين ألف جنيه، وهكذا كل يوم، ويصيد ويقتل حتى صيد، وكان قد