وأما الهزازنة فإن عبد العزيز بن عبد الرحمن عفا عن راشد الذي تقدم ذكره، وما زال مشمولًا بحلم عبد العزيز أولًا وأخيرًا، ثم قتل بقية المأسورين وانتقم منهم جزاءًا وفاقًا.

فيا عجبًا من لئيم لا يفيد فيه الإحسان ولم يقم فيه مروءة إنسانية وشيمة عربية تأبى له أن يتصف بالغدر، إن في ذلك لعبرةً لمن يخشى، إن ابن سعود والحق يقال، قد قاسى أهوال الشدائد، وذلك لكثرة التقلب من الأعداء، فهذا ابن رشيد يعاهد ويغدر ويماطل ويخاتل، ولا قدر لعهدٍ عنده ولا كافل، وهؤلاء العرائف، والهزازنة قد ذهبوا يغدرون ويستنهضوا القبائل، وحسين الشريف يسعى في الشرور والغوائل وقد نصب له الأشراك والحبائل.

والدولة العثمانية جادة بواسطة نفوذها في الإحساء بإلقاء العداوة بين العرب، ولا تزال مصرة على أن نجدًا ولاية تركية خاضعة لها بالطلب.

ومع هذا فإن صقر الجزيرة ثابت الجأش لا تزعزعه الحوادث ولا يتأثر لهذه الكوارث، وما أحسن ما قيل:

يخلق الله للحروب رجالًا ... لا يهابون كثرة الأخطار

وقديمًا قيل إياك والسآمة في طلب الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها وقد أصبح الرؤساء يومًا أحلافًا، ويومًا أعداءً، بعضهم على بعض وتفتقت الأرض بالشر، واتسع الخرق على الراقع، وأصبح أهل الجزيرة في قلق شديد.

ثم إنه سار عبد العزيز من الأفلاج ومرَّ بقبائل من الدواسر عاصين فأدبهم، فلما بلغ الرياض استراح بها بضعة أيام، سار لمطلوبه وهو الحسا، فضرب العاصين من العجمان وأدبهم تأديبًا بليغًا، ولما كان في جهة الحساء جائته الاستغاثة من مبارك بن صباح وقد أرسل وفدًا هذه المرة من بلاد الكويت بكتابه إلى ولده عبد العزيز وأرسل ذلولين، يقول في كتابه: إني مرسلٌ إليك ذلولي وقد كنت أركبها إلى الغزو وأنا الآن عاجز عن الركوب والمغازي، أنا والدك يا عبد العزيز والذلولان اللذان شهدا الغزوات والمعارك العديدة هما لك يا ولدي وهم يطلبان منك أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015