ولقد افتضح مبارك بهذا الغلط الذي هو غير مقصود من كاتبه المشؤوم فلما أن ظهرت الخيانات انحدر عربان ابن سعود يلبونه كقحطان وعتيبة ونزلوا العرض ثم اجتمعوا بمن انضم إليه من الحضر بوادي السر وزحفوا شمالًا إِلى بريدة يقصدونها، كما أنه قد انضم مع ابن رشيد شمر وحرب ومطير فتصافت القبائل، وكتم ابن سعود ما جرى من الأمير مبارك بن صباح وتكرر.

ثم زحف بجيشه من السر إلى المذنب فجاءه هناك رجل من أهل القصيم يسمى عبد العزيز بن حسن وكان رجلًا ذا دهاء وإخلاص له يخبره خفية أن مبارك بن صباح أرسل يتوسط بالصلح بين أهل القصيم وابن رشيد، ولكن ابن سعود لم يحتج إلى خبر في تقلبات ابن صباح وخدعه ومكره، ثم إنه تقدم ابن سعود إلى عنيزة فاستفاد منها أن معسكر ابن رشيد خارج بريدة على مسافة ساعة منها فسرى يريد الهجوم عليه فعلم سلطان بذلك ونقل إلى قرب القصر في بريدة فلحقه ابن سعود وتناوش الفريقان مرارًا دون أن يتمكن بعضهم من بعض على أنه في إحدى الغارات عثر فرس عبد العزيز بن سعود فوقع وقعة مشؤومة انكسر لها عظم كتفه اليسرى وأغمى عليه.

وكان فيصل الدويش قد جاء فزعًا لابن رشيد، فأنزل أهله في الطرفية وتقدم بخيامه ورجاله إلى بريدة، فلما دنا من عسكر ابن سعود خرجت إليه سرية فنازلته وهزمته وقتلت عددًا من رجاله وغنمت كثيرًا من الإبل ثم تتبعت الفلول حتى هجمت على الطرفية فذبحت أهل الدويش واستولت على البلد.

أما صاحب الجلالة فإنه واصل السير على ساقة سريته فوصل إلى الطرفية في وقت العصر وعسكر فيها فلما جن عليه الليل اشتد ألم كتفه حتى منعه النوم والراحة فدعا قواد، وهو على تلك الحال وقال اعلموا أن ابن رشيد وأهل بريدة هاجمون عليكم هذه الليلة فتأهبوا وكونوا متيقظين بثوا الحرس والكشافة في الطرق وحصنوا القصر، وأمرهم بالاستعداد والاحتفاظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015