دوي عظيم، وثار قتام الأرض، قال لرجل من أهالي القصيم يدعى الفداغي: أتيت لأخذ بلدك وهتكها فسكت، فقال لم لا تتكلم؟ فقال: إن شاء الله، قال: وتقول إن شاء الله! فكأنك بنساء أهل القصيم تتواثب عليها رجال الدولة كما تتواثب القعوسة على النواة، فتكلم ماجد بن حمود قائلًا لا يا عبد العزيز فإني أسأل الله إن كان هذا قصدك أن لا ييسر أمرك ولا يبلغك مقصدك وأن يجعلني أول قتيل.
ثم إنه زحف يريد بريدة فوافته السرية التي أميرها ابن ضبعان قد طردت من بريدة، فعاتب أميره ابن ضبعان ونتف لحيته ولعن حيه وميته، ولما اعتذر ببطئه عنهم وأنه أوشك ومن معه على الخمود من الجوع، عذره ووالي الزحف ليهجم من الجهة الغربية على بريدة فنزل القرعاء، فلما علم ابن سعود وما أبرمه من الكيد كان إذ ذاك في إمارة بريدة صالح الحسن بن مهنا فصيح بالنفير العام وأخلى ابن سعود بريدة وثار بجموعه من أهل الرياض والقصيم وغيرهم ثورة الأسود من غابها، وكان قد ألف جيشه من أهل العارض والقصيم والبادية ومن انضم إليهم وهم قليل بالنسبة إلى جيش العدو، فزحف بهم ونزل البصر وهي خب من خبوب القصيم، فنقل ابن رشيد من القرعاء إلى جهة البكيرية، فنزل الشحية فنقل ابن سعود ونزل البكيرية.
ولما أن كان في غرة جمادى الأولى من الغد في منتصف النهار، ولم يجري حركة من الطرفين، ظن المسلمون أنه لا يكون في ذلك الوقت قتال، فتفرقوا في النخيل والأشجار، فعندما انتهز ابن رشيد هذه الفرصة وعبأ عساكره وجنوده ونشر راياته وبنوده، وجائوا كما قال الله تعالى: {بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 47]، فوقعت بين الطائفتين وقعة عظيمة وملحمة جسيمة، واصطدمت الجيوش صدمة شديدة هائلة، والتحموا وتجالدوا بضع ساعات، وقد تواجه أهل سوريا والعراق بجند ابن سعود، فأطلقت الأطواب والبنادق وكانت ذبحة هائلة، فانكشف جلالة الملك عبد العزيز وأهل العارض بعد أن جائتهم الخيل من خلفهم وذلك لأن المسلمين نهضوا إليهم على غير تعبئة.