كان يدعى بعبد الله بن عمروا آل رشيد قد أمسك بيد الشيخ ويوشي بهم، نسأل الله العافية، فتكلم مجيبًا للخادم بقوله إن الشيخ في شغله فاذهب إلى الأمير وقل له أن نظره فيه الكفاية في أمرهم، فرجع بهم الخادم إلى الأمير ليرى رأيه فيهم، فلما أن جلسوا بين يديه، أخرج كتاب ابن رشيد إليه وناوله القاريء، فلما سمع الكتاب وعرف موضوعه تكلم الأمير سعد بقوله: أين ابن مضيان الذي صوته كرنين الذبابة، أما تستحي وتلزم فلاحتك وتترك المشي إلى الناس بفوائدك؟ فتكلم مجيبًا: كذب أيها الأمير إني لم أمشي بين الناس، ويا ليتني أفيد نفسي.
ثم جعل يقول: أين بن يحيا فأجاب بقوله حاضر، فأنبه بقوله: تركت فلاحتك تهلك عشبًا إلا تجلس للحراثة وتدع الذهاب إلى الناس فقد شغلتهم عن فلائحهم، فأجاب بقوله: كذب بارك الله فيكم ما مشيت.
ثم إنه تكلم متهددًا لابن مديهش يقول: أيهًا يا ابن مديهش يومًا بالمستجدة ويومًا بوهطان ألا تتقي الله في نفسك من تعويق الناس عن فلائحهم وشغلهم، وقال لعبد الله الباحوث: أنت صنمهم تدهن لحيتك وتذهب تدجل على الناس، وكان هذا معروفًا بالخوارق، ويجري الله على يديه عجائبًا.
قال مرةً لابنه تريد هذا العصفور، فقم فخذه وكان لا يطاق إلا بالبندقية، فقام وأخذه بيده، ثم سكت قليلًا ثم تكلم يقول: أين ابن ثويني؟ إنك تسابق إمام مسجدكم ابن سيف في الإمامة، تؤم وهو إلى جانبك فأعرض وكفّ عن ذلك، فأجابه بقوله: ليس بصحيح فإني لا أتقدم بهم حتى يقدموني وأنت يا سعود بن فوزان يومًا بالمذنب ويومًا بالشماسية، فلو استرحت فأرحت الناس؟ فأجاب بأنه مقصر في حق إخوانه في الزيارة، فلما فرغ الأمير من كلامه سكت قليلًا وقال تعلمون بأني مدبر وإلا فأشهد بأنكم على الحق، قوموا إلى أولادكم بالسلامة، فقاموا من عنده شاكرين، وكان بعض الناس يخشى عليهم بهذه الدعوة ولكن الله قال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 8].