فقل للمحب الألمعي أخي التقي ... حليف هموم الاغتراب مع الفقد

لئن كنت ذا همٍ وغمٍ ولوعةٍ ... وفقد وأحزان عضالٍ وذا وجد

فوالله ثم والله إنا لبعدكم ... ومن فقدكم في منتهى غاية الوجد

فكم بثت الأشواق جيشًا عرمرمًا ... لهامًا وكم أشجت فؤادًا على عمد

فكم دون من نهوى من البيد والفلا ... وهيهات كم بين اليمامة والهند

ومن دونه البحر الخضم وهوله ... وأمواجه اللاتي تشيد بالرعد

وذاك قضاء الله جل جلاله ... وما قدر المولى فحق بلا رد

فيا من زكت أخلاقه وتألقت ... محامده في محتدا ذروة المجد

سلالة بدر الدين من جدد الهدى ... بنجدٍ فأضحى بالهدى فائح الند

حنانيك هل من أويه تشف لوعةٍ ... لواعجها تربو على الحد والعد

إلى أن قال:

وقد زادنا همًا وغمًا وحسرةً ... مقالك في النظم الذي ضاع بالهند

فلا رسلٍ من جيرتي لا رسائلٌ ... تسلسل لي الأخبار عن ذلك العهد

فذا أربعٍ أو خامسٍ قد أتاكمو ... على يد محبوب صفي وذي ودي

إلى أخرها وهي حسنة.

ثم إن الشيخ إسحاق رحمه الله عنَّ له الوصول إلى مصر لأجل القراءة على علماء الأزهر، فارتحل إليه فعاتبه الشيخ سليمان على إخلاف الوعد القديم، حيث هيّج الأحزان وبعث الأشجان لأنه وعد بالمجيء إلى أوطانه وعشيرته وإخوانه، ثم لم يفاجئهم إلا به في مصر، فأقام بها برهةً من الزمان، فبعث إليه الشيخ سليمان بهذه الأبيات لما تبلبلت أفكاره وطالت غربته وانتظاره:

تأجج الوجد في الأحشاء واضطرما ... وانضب الهم والأحزان ما كلما

بالله هل للضني والكلم ملتئم ... فالدمع للبين منكم قد رمى وهما

أو للتنائي عن الأصحاب منصرمٍ ... والحزن للقلب بالأوصاب قد هما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015