تلقاه بالإكرام والاحترام والحفاوة، وأجلسه عنده كأكرم حشيم، وحقًا عليه محمد بن رشيد أن يكرم آل سعود، أليسوا سادته وأهل الفضل عليه وعلى آل بيته، وأقام في حائل حتى قدم في السنة التي بعدها.
وفي هذه السنة أزيلت قبتان في المسجد الحرام خلف بئر زمزم، وذلك لأنه لما دخل السيل في المسجد الحرام وأتلف كثيرًا من الكتب التي هناك اقتضى رأي ولاة الأمر في ذلك الوقت إلى نقل الكتب كما تقدم، وجعل محل القبتين رحبة في المسجد الحرام توسعة للمصلين فلم يبق لهما أثر، وهذا في بدء ولاية الشريف عون الرفيق، وكان شيخ الحرم إذ ذاك عثمان نوري باشا.
وفيها أزال عثمان المذكور بشيخ المسجد الحرام المزولة التي بصحن المسجد الحرام خلف زمزم، وجاء بساعتين كبيرتين يبلغ طول الواحدة منهما نحو مترين، فوضعهما في حجرة ملاصقة لباب بازان مما يلي منارة باب علي بالمسجد الحرام، ولا تزال الساعتان موجودتين غير أنهما صارتا غير صالحتين لعدم تعهدهما بالإصلاح، ولطول الزمان وتداول الأيدي عليهما.
ففي محرم منها قدم محمد بن فيصل إلى بلد الرياض، وكان قدومه في خامس محرم راجعًا من عند الأمير محمد بنُ رشيد بهدية ثمينة لأخيه الإمام عبد الله بن فيصل من الأمير المذكور، وترك له بلدان الوشم وسدير.
وكان قد مدّ يديه عليهما كما أسلفنا، فقام الإمام عبد الله وعزل من أراد عزله من أمراء تلك البلدان وأبقى من أراد بقاءه منهم، فكثر الاختلاف منهم على الإمارة، وعظم الشقاق، وتغلب أهل البلدان على بلدانهم، فما تم نفوذ ابن سعود فيها ولا استقامت رعايته عليها، ولا تقلص عنها أمر ابن رشيد، بل زاد ذلك شقاقًا بينه وبين ابن رشيد، وكان هذا سببًا للمشاغبات والاضطرابات، وضعف أمر آل سعود بسبب تفرقهم واختلاف كلمتهم وكثرة تنازعهم.