لاقى حتفه، وردتها خائبة مدحورة على أعقابها، وأثبتت لها ذلك جدارةً تفوق كل شجاعة.
وفيها في ليلة خامس وعشرين جمادى الأولى في آخر الليل انخسف القمر خسوفًا كليًا، وطلع الفجر وهو مختفي، وحصل ارتباك من بعض الأئمة لأنهم ليسوا كلهم علماء، فصلوا الفريضة في أول وقتها، وبعد الفريضة قاموا بصلاة الكسوف، فطلعت الشمس وهم يصلون لأن الواجب إذا حصل قبل ذلك أن يصلي الكسوف في وقته وبعد صلاة الكسوف تصل الفريضة، لأنه إذا طلع الفجر لا يصلى له لأنه ذهب وقت الانتفاع به فلا يصلى، نسأل الله تعالى البصيرة في الدين.
وفيها قامت أفغانستان بثورة على رئيسها، ولما حصلت هذه الثورة والعياذ بالله نشأ عنها أن فرَّ النساء والأطفال والضعفاء إلى كهوف الجبال والمخابئ عن القصف والضرب والمذابح لعلهم ينجون ويسلمون، وجعلوا يتوقعون ماذا يحل بالأمة، وخافت الآيامى من جراء هذه الفوضى والفتن والمحن، وكانوا لما أن انتصرت الأفغان على عدوة الإسلام روسيا الشيوعية سعى إبليس بينهم بالتحريش والعداء، وكلٌ يخطب الرئاسة لنفسه، وما زالت الأمم الإسلامية تناصحهم وتحثهم على الاجتماع وعدم التفرق لأن الله تعالى يقول: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]، ولكنهم لا يزالون في الفرقة والاختلاف وبحالة سيئة لا يحسدون عليها، ومثلهم في هذا الغي والمحنة أهالي الصومال في النزاع والثورة، وسوء الحال بالرغم من بذل الإرشاد والنصائح لهم، ولقد لحق الدولتين المنازعتين الفقر والعذاب والبلاء والأمراض الفتاكة لأنهم انشغلوا عما يصلحهم ومالا يصلحهم، وقد هلَّ هلال جمادى الثانية من هذه السنة ولم تهدأ منهم تلك المجازر والفتن، وقد رقص الشيطان بينهم في النزاع وإثارة الفق والمحن، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنه لمما يثير الأحزان ويبعث الهموم أن تصبح الأمم الإسلامية بهذا الوضع.