إلى الطائف لمأدبة الغداء، مررت عليه في المحكمة، ولما أن مررت على المحكمة وجدت المدير العام يخاصم أحد الأشراف بدعوى أن الشريف عون الرفيق قد منح هذا الشريف قطعة أرض بعرفات ليجعل فيها قهوة ومطبخًا، فأنكر الشيخ هذا التصرف وأبطل المنحة بحجة أن مشاعر الحج لا يجوز فتحها لأحد، لأنه لو فتح هذا الباب لفسد المجتمع، ولضاقت عرفة بالحجاج، وما أحسن هذا الحكم لعودته بالمصلحة، وكان قد أخذ رأيي بحضور الخصم، فشكرته على ذلك ودعوت له الله أن يجعلها في موازين حسناته، نعم إنه لا يجوز منح أي شيء من المشاعر لأحد كائنًا من كان ولو أنصف الناس لاستراح القاضي.
ثم نعود إلى التاريخ فنقول إلقاء قنبلة في جامع قرية قويا من عسير، لما كان في يوم الجمعة الموافق 26 جمادى الأولى قام مواطن من أهل القرية المذكورة فألقى قنبلتين من صنع روسيا على المصلين، فسبب أضرارًا جسيمة بحيث قتلت ستة مصلين وجرحت ما لا يقل عن تسعين رجلًا، وطارت الفرش والدواليب والمصاحف والأردية من فوق الروس متمزقة بحالة مخيفة، وخربت ودمرت، وكان الباعث لهذا الشقي هو أنه طلب منحة أرض، فلما لم يوافق الأهالي واعترضوا فعل ذلك الانتقام، ولما أن فعل تلك الفعلة الشنيعة فرَّ على سيارته، غير أنه اهتدى صبي لمعرفته فأخبرهم، وكاد أن يدهس الصبي، ودخل الجاني بيته وغلَّق الأبواب، فقامت القوات الحكومية فأحاطت بالبيت، وفتشوا على جميع أهالي قرية القوباء، وكان مع الجاني رفيق له، وكان الجاني شريرًا وذا عائلة، وقد نصحته إحدى زوجتيه قبل ذلك، ولكنه لم يقبل لما يريده الله به من النقص على نفسه وعلى المسلمين الأبرياء، ويقدر عمره إذ ذاك بخمسين سنة، واسمه عبد الله محمد سعد العمري، يلقب بابن معمر، كما أن زوجته ناشدته لما فعل فعلته الشنعاء وجريمته النكراء أن يسلم نفسه للعدالة، ولكنه اختفى بغار في جبل، فلما كان يذهب يمنةً