رجلًا ويمتاز بحسن السلوك ولين العريكة، وتهذيب الأخلاق، فكان الشيخ يتردد إلى بيته لتناول الطعام، والشراب بحيث لم يتزوج ولم يكن لديه من يخدمه، واشترى له كتبًا ثمينة وجميع ما يتطلبه الوضع، وفرغّه والده لطلب العلم، وكان له زملاء في المسجد المذكور في حجر المسجد، وما زال يتقدم، ثم إنه سافر إلى مدينة الرياض لطلب العلم من الشيخ الفاضل محمد بن إبراهيم آل الشيخ بعد أن كان من زملاء الشيخ علي السليمان الصالح، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز العيدان، والشيخ سليمان بن محمد بن جربوع في بريدة، وكان زملائه في الرياض الشيخ عبد الله بن يوسف بن وائل، والشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والشيخ عبد العزيز بن باز في أناس آخرين، واختارت الحكومة هؤلاء الأربعة لما كانت تتفرس فيهم العلم والمعرفة، ولما أخذ حظه من العلم في الرياض، بعثت ثلاثة منهم لتولي وظائف الحكومة في القضاء، وبما أن المترجم لم يرضَ هذه الوظائف القضائية ألزمته الحكومة إلزامًا، فقام بوظائف القضاء، وكان عند حسن الظن بحيث لم يشاغب ولم ينازع، بل كان دمث الأخلاق، حسن المعاملة، محببًا إلى الناس.
أولا جعلته الحكومة في قضاء بلدة الزلفي، فقام بالعمل خير قيام، ولما رأته الحكومة أكبر من هذه الوظيفة نقلته إلى قضاء المجمعة، ولما أن كان من خيرة بني زمانه لم يرفع عند أخطاء، ولم يشاغب، جعلته الحكومة رئيسًا لمحاكم المنطقة الشرقية، ثم نقل رئيسًا لمحاكم الرياض، ثم مساعدًا لمدير عام التعليم بالمملكة، ثم رئيسًا لمحاكم عنيزة، وأخذ من السياسة ما الآن شكائمهم، ولما أن احتاجت محاكم مكة المكرمة رئيسًا لمحاكمها بعد فضيلة الشيخ عبد الله بن عمر بن دهيش، نقلته الحكومة لأن يكون رئيسًا لمحاكم الحجاز، وناهيك به من حبر، سار بها وخطابها خطا بحسن سيرة وحكمة، ولبث في الرئاسة زمنًا قويًا من غير عنف، ولينًا من غير ضعف،