الصغير ويهرم فيها الكبير، وتؤخذ سنةٌ يجري الناس عليها، فإذا غير منها شيء قيل تركت سنة، قيل متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: إذا كثر قراؤكم وقل فهمكم، وكثرت أموالكم، وقل أمناؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين، رواه الدارمي، ولولا ما وضعت الحكومة من جعل إعداد للقبول لكان الأمر فوق ما يتوقع، وقد يتجاوز العدد إلى رغبة غير معقولة فقد حدثني أحد المسؤولين بأنه يرد على كل جهة من المعاهد والثانويات، والمتوسطات وسائر المدارس، كل سنة ما يتجاوز الألوف من الفتيان والفتيات، ولا سيما مدارس البنات، فقد أوسعت الحكومة المجال لقبولها، وأخذت عدة بيوت تضمها لأن تكون مدارس، وذلك عن طريق الإجار بقيمة باهظة، وكان التعليم مجانًا، ومن تخرج من الفتيان والفتيات فإنه يجعل بالوظائف المختلفة، وكانت الحكومة تبذل مكافئات لبعض الطلاب والطالبات، وفي بداية الأمر تجلب الحكومة من خارج المملكة معلمين ومعلمات، وفي هذه الآونة استغنت الحكومة بما لديها من المتخرجين، وقد أثبتت اللغة الإنكليزية في المناهج، ومن الفتيات من تفوق بنشاطها على الفتيان، نسأل الله تعالى أن يجعل العاقبة إلى خير، ومما قال الشاعر المصري أحمد شوقي في وجوب احترام المعلم، ومعرفة قدره، لأن المعلم يغذي الجيل ويركز الآداب والأخلاق:
قم للمعلم وفه التبجيلا ... كاد المعلم أن يكون رسولا
أعلمت أشرف وأجل من الذي ... يبني وينشئ أنفسًا وعقولا
سبحانك اللهم خير معلمٍ ... علمت بالقلم القرون الأولى
أخرجت هذا العقل من ظلماته ... وهديته النور المبين سبيلا
وطبعته بيد المعلم تارةً ... صدئ الحديد وتارةً مصقولا
أرسلت بالتوراة موسى مرشدًا ... وابن البتول فعلم الإنجيلا
وفجرت ينبوع البيان محمدًا ... فسقى الحديث وناول التنزيلا
إلى أن قال:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم ... فأقم عليهم مأتمًا وعويلا