وأطد بالأطواد أرضًا بسيطة ... وأحكمها سبحانه ودحاها

بأسمائك الحسنى وأوصافك العلى ... أذقه من الفردوس طيب جناها

وأول الرضا هذا الإمام الذي له ... مآثر يزهو في الأنام سناها

وبوأه في الفردوس والخلد منزلًا ... وألبسه من أثوابها وحلاها

فقد قام في نصر الشريعة جاهدًا ... ولم يأل جهدًا في ارتفاع ذراها

ويرد على من ندَّ من كل ملحد ... على السنة الغراء ورام حفاها

وقد شيدت أركان سنة أحمد ... رسائله اللاتي أضاء ضياها

فأشرف منها الحق للخلق ناصعًا ... وأعشى عيون الملحدين سناها

وأجوبةٌ تسمو وتسمق بالهدى ... لأسئلةٍ قد أشكلت فجلاها

يضوع لأهل الحق منها نواشر ... يفوق عبير المسك طيب شذاها

إذا أرسل النحرير ثاقب فكره ... بفيح معانيها وشأو ذراها

أقر له بالفضل والعلم والحجى ... وإن قد تسامى للعلى فعلاها

وقال الشيخ سليمان بن سحمان يرثاه لما توفى في هذه السنة وانتقل إلى جوار الغفور التواب وفارق الأحباب والأصحاب بلَّ الله ثراه بوابل الغفران وأسكنه شامخ الغرف في أعالي الجنان.

وهذه المرثية قوية المباني، بديعة المعاني، أنشأها لما فجعت الخلائق برزئه وبكته محابر العلماء وطروس الكتاب وعمت مصيبته الآفاق، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرًا منها:

تذكرت والذكرى تهيج البواكيا ... وتظهر مكنونًا من الحزن ثاويًا

معاهد كانت بالهدى مستنيرةً ... وبالعلم يزهو ربع تلك الروابيا

وآراضها بالعلم والدين قد زهت ... وأطواد شرع الله فيها رواسيا

وقد أينعت منها الثمار فمن يرد ... جناها ينلها والقطوف دوانيا

وأنهارها للواردين شريعةً ... مناهلها كالشهد فعم صوافيا

وقد غردت أطيارها برياضها ... يرجعن ألحان الغواني تهانيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015