الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 140].

لقد كنت أتشوق لوضع تاريخ في ذكر حوادث ما جرى من الوقعات من لدن سنة سبع وستين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية إلى زمننا، هذا بحيث ما وجدت أحد أتى بالمقصود ولم أجد بنقاشي عليلًا ولا لروي غليلًا.

بيد أن يوجد قطع فيها نبذ من الوقعات التي جرت في ظهور صاحب الجلالة الملك "عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود" إنما سجلت ودونت لغرابة سطوة هذا الملك الأعظم، والرئيس الأفخم، غير أن هذه النبذة، وإن كانت جلّ المقصود، فلا تفي بالتاريخ، وما كان هذا الوقت بجدير الإهمال، ولا بسهل المجال، ولكنه ترك لصعوبته، ولعدم من يقوم بأعباء مهمته، فسنح بخاطري أن أضع تاريخًا لائقًا، رائقًا في هذا الموضوع، وان كنت لا أرى مساعدًا على هذا الشأن، ولا من يجري فرسه في هذا الميدان، وذلك لأن التاريخ أصبح اليوم لا يعرفه في الحقيقة أكثر الناس، ولا يعتني به في غالب البلدان، وأخص بذلك نجد إلا سيما ما بين رأس هذا القرن إلى نصفه، فقد أهمل كإهمال تاريخنا قبل ثلاثمائة سنة، وكنت إذا سألت الشيوخ والمسنين ممن أظنه أهلًا لتلك البضاعة، ومن أخال فيه الصدق والكفاءة، فإنه يقول: غزا فلان وانكسر فلان، وحادثة كذا في الربيع؛ إما كونه يعرف السنة والشهر واليوم، بل الساعة والدقيقة، فلا يهتدون إليه سبيلا، فخلت من مساعد يعين على هذه المهمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله؛ هذا وقد يسر الله ما كنت أرومه، ومنَّ علي بذلك، وكم له علينا من منة لا نقوم بشكرها، وأقرّ بفضله العين بوجود ما كنت أتمناه، وأكدح في نيله وأتلقاه، وذلك بمدة طويلة بذلت فيها مجهودًا من طاقتي، وسهرت الليالي لاستحصالها، وكلفت الأيام لرصدها لتكون متلقاة من مصادر وثيقة، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015