وكانت المدارس في أوائل الأمر لم تجد تشجيعًا ولكنها استطاعت أخيرًا أن تشق الطريق أمام الطلاب ويكون لها سيرها العميم ولا سيما لما جلب إليها المدرسون الأكفاء الذين نالوا ثقة الأمة بالتعليم منهم وأقبلت الأمة على إدخال النشء فيها بجد ونشاط وجعلت مراحل الدراسة تسير فيها قدُما فست سنين للابتدائي ثم بعده المتوسطات والمعاهد ثم بعدها الثانويات ثم الجامعات.
ولما أن كان بعض الآباء لم يحصل على الدراسة سابقًا أسست الحكومة مدارس ليلية لمحو الأمية فقاموا يتسابقون إليها ولا سيما لما حصل الطلاب على الشهادات في الابتدائية والمتوسطة والكفاءة ونالوا مرتبات لدى الحكومة مما شجع الأمة على التسابق في طلب العلم وأقيم في كل مدينة وقرية وهجرة مدارس للبنين.
ولما أن كان البنون بهذه المثابة طلبت الأمة المفكرة مدارس للبنات ولبت الحكومة طلبهم ورأت تشجيع الفتاة السعودية على الدراسة وكان هناك معارحون لم يعرفوا المصلحة إلا بعد ذلك، فأسست مدارس البنات تحت إشراف رئيس القضاة فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم وذلك في عام (1379 هـ) وجعلن يتسابقن في آخر الأمر إلى التسجيل فيها وبما أن المرأة مطلوب منها ملازمة البيت وصيانتها والاحتفاظ بكرامتها فقد بذلت الحكومة جهودًا في حفظ المنشء وصيانتهن في خروجهن ورجوعهن بجملهن بسيارات الأوتوبيسات الخاصة لنقلهن وحصل المقصود بأن لا يجري اختلاط ولا رؤية لأحد إليهن كائنًا من كان.
بل كانت الفتاة في صيانة وحفظ داخل المدرسة وخارجها ولما رأى أولياء الأمور العناية والصيانة اطمأنوا كثيرًا إلى ما قامت به الحكومة أيدها الله تعالى وحصل إقبال على الدراسة وذلك لمعنيين:
أولًا: كون الشاب يميل إلى زوجة متعلمة فحصل بذلك ما كانوا يسعون لطلبه.
وثانيًا: كون المنتدبين للتدريس في السعودية من الرجال إذا جاء بعائلته يحصل البنون على التعليم وتقر أعينهم بما يجدونه من العناية، أما البنات فلا يجدن تدريسًا فاضطرت الحكومة لذلك بتأسيس مدارس للبنات لأن المصلحة تقتضي ذلك.