على أخيه ولم تتفق الحال، فصارت الهمة فيما يدفع الفتنة ويجمع الكلمة ويلم الشعث ويستدرك البقية، فرأى الشيخ بثاقب رأيه ونبل معرفته النزول إلى هذا المتغلب والتوثق منه ودفع صولته، وخرج رؤساء البلد والمعروفون من رجال الرياض بأمر الشيخ فبايعوا سعودًا بعدما أعطاهم على دمائهم وأموالهم محسنهم ومسيئهم عهد الله وميثاقه وأمانه عهدًا مغلظًا، وقد بذل الشيخ جهده ودافع ما استطاع حتى حصل أهل الرياض على ذلك.
ثم كتب الشيخ إلى العالم العلامة حمد بن عتيق في بلاد الأفلاج يأمره بلزوم الجماعة وعدم التفرق والاختلاف فوقَ الله شر تلك الفتنة ولطف بالمسلمين، فلما أتى الفادح الجليل والخطب العظيم الذميم الذي طمس أعلام الإسلام ورفع الشرك بالله وعبادة الأصنام في تلك البلاد التي كانت بالإسلام ظاهرة، ولأعداء الملة قاهرة، وذلك بوصول عساكر الأتراك واستيلائهم على الأحساء والقطيف، يتقدمهم طاغيتهم داود بن جرجيس لا حيَّاه الله ولا بيَّاه، فأهون به من ما ذق ما أقبحه، ومن جهول ما أمقته، ومن خبيث ما أفسده، قدم بهم داود بن جرجيس داعيًا إلى الشرك بالله وعبادة إبليس منتهزًا فرصة هذا الخسيس، فانقادت لهم تلك البلاد وأنزلوا العساكر بالحصون والقلاع، ودخلوها بغير قتال، وتوفرت منهم أقبح الفعال، فطاف بهم إخوانهم من المنافقين، وظهر الشرك بالله رب العالمين، وشاعت مسبة أهل التوحيد والدين، ويرقص في هذه الفتنة الشيطان، ولم ينطح لذاك شاتان، فلا حول ولا قوة إلا بالله الملك الديَّان.
من قدوم العساكر العثمانية والجنود التركية قد ذكرنا في السنة التي قبلها قدوم عساكر الدولة العثمانية إلى الأحساء والقطيف وأنهم جاءوا بزعمهم لنصرة الإمام عبد الله بن فيصل، فاستولوا بهذه الدعوى على الأحساء والقطيف، وعزموا على قبض الإمام عبد الله وإرساله إلى بغداد.