فنقول لما توفى الإمام فيصل تولى بعده نجله عبد الله، وكان خليقًا بالإمامة ولكنه قام ينازعه الإمامة أخوه سعود، وبعد سعود أبناؤه فحصلت قطعية وبات الفشل وتسلط الأعداء، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46].
وما حصل النقص على أهل الإسلام والفشل وتسلط الأعداء إلا بالتخاذل، وقطيعة الرحم وترك القيام بأوامر الله تعالى وفعل نواهية، وهذه عادة الله بخلقه كلما أحدثوا ذنوبًا غير ما بهم من النعمة.
وقد روى أن رجلًا من المتقدمين كان له عدة بنين، فلما كبر وهرم جمع أبناءه لديه وقال لهم بني إني جمعتكم الأمر فخذوا به فإني خبير بالأمور مجرب، وعانيت ما لم تعانوا من المشاق فأطرق أبناؤه يستمعون وصيته، فأخرج إليهم حزمة من العصي وقال لكبيرهم: حطم هذه الحزمة فأخذها فلم يطق، فقال له ناولها أخاك فأخذها ولم يطق حتى عجزوا كلهم، فقال هكذا كونوا مجتمعين يا بني فإنه أقوى لشوكتكم وأنفذ لأمركم وأقهر لعدوكم، فإن اختلفتم تمزقتم وعبث بكم الأعداء.
ولما حدث من سعود هذا الخلاف الذي يعد من أعظم المصائب على المسلمين وكان منع أخيه الإمام بغزاته على عربان الظفير قرب بلد الزبير، ورجع الإمام بعد ذلك كان هناك منافرة بينهما، وبعد مضي عشرة أيام من قدومهما إلى الرياض هرب سعود إلى ابن عائض فرده خائبًا.
فلما تحقق أن ابن عائض لا يساعده على أخيه عاد من أبها إلى نجران بالخيبة، ولما أن نزل على رئيس نجران المسمى بالسيد أقام عنده وطلب منه النصرة فأجابه إلى ذلك، ووجد العجمان هناك، وكانوا أعداء لعبد الله بن فيصل لحملاته عليهم وكسره لهم ثم إجلائه بقيتهم إلى نجران فاغتنموها فرصة ليداووا كلومهم، فاجتمعوا على سعود وشدوا أزره وقدم عليه فيصل المرخف من شيوخ آل مرة وعلي بن