دون مطر وجرت الأودية شيئًا عظيمًا ولا سيما وادي الرمة فقد جرى شيئًا عظيمًا واستمر جريانه خمسة عشر يومًا وغرق فيه نفوس كثيرة من البشر وغيرهم وخرجت الأمة من كل فج وصوب رجالًا ونساءً وأطفالًا فكان فرجة ونزهة بحيث كان الوادي كلجة بحر ولولا ذلك الجسر النصوب في وادي أبي علي لانقطعت السابلة عن العاصمة بريدة فلا ترى على ضفتيه إلا خلائق من الأهالي والأجانب وكان يلتهم ما مر عليه من الزروع والأشجار والبهائم والأثاث فسبحان الله ما أعظم شأنه.
ففي 28 مارس الموافق غرة شهر صفر أصيبت مزارع جنوب أفريقيا بنكبة تعتبر أسوأ ما شهدته هذه الدولة العنصرية في تاريخها وذلك بهجوم شنته أسراب من الجراد وقد أتت أسراب الجراد على كل شيء في طريقها من المحاصيل إلى ستائر نوافذ المنازل في الأقاليم الأربعة ثم تحركت الأسراب الهائلة إلى بوستوانا المجاورة وإلى مقاطعة جنوب غرب أفريقيا وذلك كان الهجوم يتم على جبهة اتساعها 100.000 ميل مربع وفي كثير من الأحيان كانت قطارات السكة الحديدية تتوقف عن السير بسبب كثافة الجراد الزاحف وفي كثير من المنازل أتى الجراد على كل شيء حتى أنه عرى الأسرَّة من فرشها والنوافذ من ستائرها وقرض الملابس وكانت النساء يحتمين بأية طريقة من الجراد حتى لا يعريهن أثناء زحفه وأكل الجراد ما مر عليه وأعلن بعض الخبراء أن طاعون الجراد الجديد قد أفلت من الزمام ومن الصعب جدًّا كبحه وأن شتاء النصف الجنوبي من الكرة هو الكفيل بالقضاء على الزحف وتقوم عدة طائرات بالرش من الصباح حتى مغيب الشمس للقضاء على تجمعات الجراد الكثيفة وتساندها على الأرض سيارات ضخمة تحمل أجهزة الرش ووراءها آلاف العمال في معركة ضد الدمار، هذا ما نشرته إحدى الجرائد وهي الرياض في عددها 1778 ولا يعرف عظمة هذا الجند المسلط إلا من رآه بحيث يملأ