على العاقل الحريص على صحته أن يرفق بنفسه فهو الوصية التي أوصى بها الحارث بن كلدة طبيب العرب ملك الفرس كسرى لما وفد إليه وقال له الملك أعطنا من فوائدك يا طبيب فقال له ارفق بنفسك في كلام غزير النفع كثير الفائدة فالرفق بالنفس اجتناب الغضب الذي هو غليان دم القلب للانتقام ولهذا أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - من قال له أوصني فقال: "لا تغضب" فرددها يقول أوصني ويقول له لا تغضب ثم رددها ويقول له لا تغضب فالرفق بالنفس اجتناب الغضب وما يدعو إليه وما يحصل الطلاق بين الزوجين وينتج الشقاق ويحصل النزاع بالمضاربة والقذف وإزعاج الأطفال بين الجيران إلا نتيجة الغضب، وقد يصبح أهل الحارة بسبب الغضب خصومًا وأعداء وأحزابًا وقد يكون الغضبان عونًا لزوجته على النشوز ولأبنائه على العقوق ولجيرانه على الإساءة وللناس كافة على هجره ومجانبته وقد يغضب الأحمق على ولده وزوجته فيطردها ويبدد شمل الأسرة ويجعل البيت جحيمًا أو بركانًا ثائرًا كل هذا نتيجة الغضب. والرفق بالنفس قلة التفكير فيما لا يعني وآفة القلب الهم والحزن وقد نبه الله على ذلك بقوله: {لِكَيلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} فكما أن الهم الشديد قد يقتل فالفرح الشديد قد يقتل وينبغي للإنسان أن يلهي نفسه بالسرور والانبساط فإن ذلك يقوي الحرارة الغريزية وينشرها في سائر البدن ومما قيل في ترويح القلب والتخفيف من أتعاب النفس:
افد طبعك المكدود بالجد راحة ... يجم وعلله بشيء من المزح
ولكن إذا أعطيته المزح فليكن ... بمقدار ما يعطى الطعام من الملح
وقد نشرت جريدة الجزيرة السعودية في عددها 315 من هذه السنة من إحدى الصحف أن جمال عبد الناصر كان مريضًا بالسكري مع التهابات جدران شرايين القلب جعلاه عرضة لكثير من الالتهابات البسيطة وأنه كان يعاني من أمراض