ففي شهر شوال من هذه السنة اعتدى قط على بيت أحد الموظفين في الوادي بين بريدة وعنيزة فصار يعبث بشراب أهل البيت وطعامهم ولم يجد صاحب البيت طريقة يتخلص من هذا القط إلَّا قتله.
فكان في صفة قتله أن صبَّ الأطفال عليه كازًا وأحرقوه وبعد إحراقه اشتعلت نار في جهات من البيت وقام أصحاب البيت بإطفائها ثم كانت تشتعل من جديد وهكذا، ولا يعلمون عن مصدر النَّار. وبعد ذلك صاروا يجدون أوساخًا في بيتهم مما نكد عليهم معيشتهم ونغص حياتهم فانتقلوا من دارهم إلى دار أخرى فلم يتوقف ذلك الأذى بل استمرَّ على هذا الوضع فتفرقوا على أقاربهم فلحقهم الأذى ولم يجدوا بدًّا من الانتقال إلى الرياض. هكذا نشرتها جريدة القصيم في عددها 215. ويقرب من ذلك حادثة وقعت قبل هذه السنة بثمان سنين في بريدة وذلك أن صبيًّا رأى قطًّا في بيت أهله يريد وقت العشاء ما يسد رمقه فخاتله الصبي من خلفه بقضيب فيه نار فكواه من خلف رأسه ففر القط. ولمَّا كان في منتصف الليل في السابعة بالتوقيت الغروبي إذا بالصبي يصرخ من بين أهله وهو يقول: جاءني ناس بشهاب فكووني من خلف رأسي فكشفوا عن مؤخر رأسه فوجدوا آثار الكي ظاهرًا فيه. هذه قصة متفق عليها ولها نظائر كثيرة. ولا ريب أن هذا الأمر بين، إمَّا أن يكون هذا القط من الجن متصورًا في صورة قط ليقتص له ممن ناله بسوء أو تكون هذه عقوبة من الله للتعذيب بالنَّار لأنَّه لا ينبغي أن يعذب بالنَّار إلَّا رب النَّار كما أرشد الشارع إلى ذلك. وفي رواية للبخاري: (وإنَّ النَّار لا يعذب بها إلَّا الله). ولحديث: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة". فالطريقة الشرعية هي أن القط إذا حصل منه أذى يقتل. ولكنني أفضل أن ينذر قبل القتل.