من مال أخيه إلَّا ما طابت به نفسه". قال: لما سمعت ذلك قلت: يا رسول الله أرأيت لو لقيت غنم ابن زعمي فأخذت منها شاة فاجتزرتها هل عليَّ في ذلك شيء. قال: "إن لقيت نعجة تحمل شفرة وزنادًا فلا تمسها"). والمعنى إن وجدتها معها آلة الذبح والنَّار بحيث لا تتكلف لذبحها ولا لشيها فلا تأخذها ولا تمسها. وهذا مبالغة في عدم جواز أخذها. قلت: ويستفاد منه المبالغة في اجتناب ما ليس لك ولهذا ورد في الحديث الآخر: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النَّار وحرم عليه الجنَّةَ". فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله فقال: "وإن كان قضيبًا من أراك". رواه مسلم. ولما خطب - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر في حجة الوداع بمشهد عظيم من الله ومن خلقه قال: "أي شهر هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم فسكت حتَّى ظنوا أنَّه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس ذا الحجة؟ قالوا: بلى. قال: فأي بلد هذا. قالوا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتَّى ظنوا أنَّه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس البلدة قالوا: بلى. قال: فأي يوم هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتَّى ظنوا أنَّه سيسميه بغير اسمه. قال: أليس يوم النحر؟ قالوا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم. ألا فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا فليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه. ثم قال: ألا هل بلغت ألا هل بلغت"، أما قال مدبر الأزمان ومصرف الأكوان في محكم آيات القرآن: {انْظُرْ كَيفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}. وقال في الآية الأخرى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا}. فقل للذين غيروا نظم السماء وشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله: لقد اتبعتم أهواءكم وضللتم إذًا وما أنتم من المهتدين. فراجعوا دينكم وتمسكوا بشريعة نبيكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015