المؤتمر لأنَّ من بين المؤتمرين المستعمرين وأذنابهم فطاحل رجال ذوو ضمائر حيَّة يسعون ليسود العالم روح العدل وتغلبت حكمتهم على صولة الباطل ولجاجته فإن (إيدن) رئيس وزراء بريطانيا لا يزال مصممًا على عناده ولم يتخذ من حكمة تشرشل وسياسته ما يزجره عن هواه. ولقد قام الشعب البريطاني يصيح في وجه (إيدن) منذرًا له عن الحرب العالمية كما وجه نواب الإنجليز إليه صيحاتهم: استقل يا إيدن، إن تشرشل العجوز وإن كان ينظر إلى العرب بعين السخرية والاستهزاء وطالما لعب بها في سهولة ويسر لأنَّه عرفها بأنها لم تعرف صديق هامش عدوها ولا نفعها من ضررها فإنَّه لم يقدم على أعمال (إيدن) محقًا أن يقال: استقل يا إيدن، وأمَّا سمعت ما يقول نهرو عن مشروعك الأحمق وما يقترحه رئيس وزراء سيلان. وها أنت ترى كيف طار رئيس وزراء دولة عن كرسي الرئاسة حينما خالف رغبات شعب مسلم ولم يحسن التعبير عن شعوره وأفكاره. وقد عزمت روسيا على أن تبعث المتطوعين إلى مصر وقام العرب جميعًا ليقفوا وراء المصريين والحقُّ يقال: "إن إرغام مصر على ترك حقها لطريق يقود إلى الهاوية".
إنَّ العرب إذا صدقوا الحملة فإنَّهم نقمة على عدوهم غير أنَّ الذي فكَّ قواهم وأذهب ريحهم وأوجد الفشل فيهم تخاذلهم وتنازعهم ولقد أحسن القائل حيث يقول:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
إذن لقام بنصري معشر خشن ... عند الحفيظة إن ذو لوثة لأنا
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشر في شيء وإن هانا
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة ... ومن إساءة أهل السوء إحسانا