كان برجس بن مجلاد ليثًا شجاعًا وبطلًا مغوارًا، وكان معاصر العبد العزيز بن محمد، ويروى عنه قصص تدل على شجاعته وجراءته، وكان موضعه في ناحية بيوحا من سباخ بريدة، ومن شجاعته أن العدو أغار على سروح بريدة فأخذها، وكان العدو في عشر من الخيل وعشر من العمانيات، ولما أخذوا السروح انطلقوا بها غنيمة باردة، وكان أخذها من الضاحي المعروف، وهذه عادة الأعراب ينهبون ويسلبون إذا لم يخشوا سطوة قاهرة، فأخبر برجس بالقصة وكان ممن يعد لمثلها ويلاذ به في الأزمات، فقام الأسد من فوره له زئير وينتخي، وكان إذا انتخى تبول فرسه دمًا، فسلَّ السيف وامتطى جواده وأرسلها كالريح العاصفة يقول من يقابل فلا رغبة لي في الحياة. وما أحسن ما قال زهير بن أبي سلمى:
ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه ... يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
فشد ولم يفزع بيوتًا كثيرة ... لدي حيث ألقت رحلها أم قشعم
لدى أسد شاكي السلاح مقذف ... له لبد أظفاره لم تقلم
جريء متى يظلم يعاقب بظلمه ... سريعًا وإلا يبد بالظلم يظلم
وقال غيره:
كذبتم وبيت الله لما تأخذونها ... مراغمةً ما دام للسيف قائم
متى تجمع القلب الذكي وصارمًا ... وأنفًا حميًا يجتنبك المظالم
فأدركهم في الأسياح وهو ينتخي فاستولى عليهم الخوف والذعر ولم يشعروا به إلا وقد ضربهم من جهة اليمن وخرج من الأخرى فقتل فارسين، خرجت أعنة فرسيهما تجران بالأرض، ورجع يريد أن يكبحهم أخرى فطاروا شاردين قد تركوا جميع ما تحت أيديهم ونجوا بأنفسهم، فاستاق برجس الخيل والإبل والسروح ورجع بها قائلًا دونك يا عبد العزيز خذ الفرسين وعشر العمانيات وردّ إلى أهل بريدة سرحهم.