ومما جرى في حال قضاءه في أبي عريش أن بعض الأئمة الذين كانوا في معيته في أبي عريش أنكر على بعض المجامع التي تكون في أوقات الزواج هناك من اختلاط الرجال والنساء، وأزال المنكر بيده، فوافق أن ضرب امرأة بالعصا فقام أقرباؤها وبعثوا بشكاية إلى الحكومة بشأن ذلك الرجل، فبعثت الحكومة هيئة للنظر في هذه المشكلة، وقد أعظم الخصماء الأمر بأن المرأة ألقت جنينها الذي في بطنها، وبعدما وضعت الهيئة سؤالًا وجوابًا وقدمته للمحاكمة أمام القاضي عثمان المذكور أخذ المعاملة فضيلته ومزقها وأجاب الهيئة بأنه إذا كانت الحكومة قد ارتضيت هذا الإمام ووثقت به يسد هذا المقام، فما فائدة الاعتراض عليه، فانحل النزاع وقنعت الهيئة.
وقد أخذ المترجم عن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، وأخذ عن الشيخ الزاهد عبد الله بن محمد بن فدا ولازمه، وكنت أظن أنه تولى وظيفة في بلد نفي، وذلك في الفترة التي بين 37 و 45 من الهجرة النبوية.
أما ولادته فإنها حوالي سنة 1291 هـ فيكون له من العمر خمس وسبعون سنة رحمه الله وعفا عنه، ويعد من خيرة أهل زمانه، ورعًا وزهدًا وعفة ودينًا وعلمًا، وكان له أخلاق وحسن معاشرة، وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب، ولا يمل جليسه مجادلته، أضف إلى ذلك تواضعًا وليس عريكة، فالله المستعان.
وممن توفى فيها الشاب الناسك رشيد بن عبد الله الحميضي، كان شابًا نشأ في طاعة الله وقلبه معلق بالمساجد، وما زال يدأب في طلب العلم، وله إكباب على المطالعة في الكتب الدينية ويعتكف العشر الأواخر من رمضان، وله صلاح وعبادة وحظ من قيام الليل وصيام النهار وزهد وزكاة وعفة، وقد سلم المسلمون من شره، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وقد مات ولم يتزوج، وكان عمره اذ ذاك إحدى وثلاثون سنة، نسأل الله تعالى أن يزوجه الحور الحسان وأن يجعله من جيرانه في أعالي الجنان، وقد كان فقيرًا محتسبًا متعففًا صابرًا خاشعًا.