لصوص من الحنشل فاستاقوا إبل أهالي العوشزية، وأخذوها غنيمة باردة وكانت القرية قد خلت من الرجال فلم يبق سوى الخدم والنساء والصبيان، وكان لمنصور ابنة تدعى مزنة المنصور خالة عبد الله بن جلوي، فلبست ثياب أخيها وامتشقت الحسام وأمتطت الفرس وأمرت أحد الخدم أن يركب فرسًا أخرى، فشدت في طلب القوم حتى أدركتهم فقالت لهم جنبوا عن الأدباش، فقالوا: أخرج جوابًا للمذكر لظنهم أنها رجل، فأقسمت بالله لأن لم تجنبوا لتفاقدوا العدة، فلما رأوا تصميم الفارس قالوا لها: يا هذا اجعلنا في وجهك، فقالت: ممنوعين على رقابكم، فأجابوا يقولون: من نحن في وجهه، فأجابت بوجه حماد المطرودي، ثم إنها استاقتهم مع الأدباش حتى ألجأتهم إلى مزارع العوشزية وأسرتهم، فلما أن جاء الرجال راجعين إلى القرية مع غروب الشمس إذا بها قد قدمت العشاء، فلما أن قيل تفضلوا يا ضيوف؟ أجابوا يقولون: والله لا نطعم حتى يحضر مضيفنا، فتكلم منصور يقول: إن مضيفكم ليس بحاضر وإنما مضيفكم امرأة، وهي التي طبخت عشائكم، فظهر بذلك أن الذي كسر أولئك الأبطال وأسرهم امرأة، فشاع ذكرها فتزوجها جلوي بن تركي، وولدت له ابنا سعودًا وبنتا.
وبعد ما توفيت سأل جلوي: هل لها من أخت، فلما تحقق ذلك جاء يخطبها، فقال منصور المطرودي: ما لدي سوى ابنة صغيرة، فطلب الأمير منه أن يزوجه أختها وهي ميثا، وإن كانت ذات أولاد، فتزوجها ثم توفيت، فخطب الثالثة وهي رقية، فتزوجها وولدت منه عبد الله بن جلوي، ومن ذرية منصور المطرودي ثامر بن علي بن محمد بن عبد الله بن منصور، ومن ذرية حمد عبد العزيز بن محمد بن سليمان بن محمد بن حمد.
وفي هذه السنة شرع في عمارة المسجد النبوي، وكان الذي تولى ذلك السلطان عبد المجيد خان، واستمرت هذه العمارة نحوًا من أربع سنين، نسأل الله تعالى أن يعمّره بالطاعة.
ثم دخلت سنة 1271 هـ ففيها قدم على عبد الله بن الإمام فيصل بقية غزو