حكومة الرايخ الثالث وهم يتعهدون بمساعدة ألمانيا بكل ما يملكون لسحق روسيا، ورفعوا وثيقة إلى هتلر يشكون إليه فيها الشيوعية وما ارتكبوه من الأفعال الوحشية ضد الإسلام وأهله من حرمان العلماء والأئمة والمؤذنين حقهم، وإغلاق المساجد وغير ذلك من الضغط الشديد، ولسوء حظ هتلر رفض مفاوضة الوفود ووضع في أذنيه وقرًا عن سماع شكاياتهم، ولو أن هتلر بادر في إبادة روسيا لنجح ولكنه أضاع ستة أسابيع تمكن فيها ستالين من إقامة جيوشه خطوط دفاع عميقة وسط الأدغال والأحراش المحيطة بموسكو من جهتها الغربية، وحشر الألوف المؤلفة من العمال لذلك بعدما نقل السفارات والمفوضيات الأجنبية منها إلى مكان ما في الشرق، وأصرَّ هو على البقاء في موسكو وصمم على الدفاع عنها حتى النفس الأخير، هذا والجنود الألمانية محاصرة لموسكو فلم يكن بينها وبين العاصمة أكثر من طلقة مدفع، وفي هذه المحنة ظهرت في ميادين القتال لأول مرة الأسلحة المرسلة من بريطانيا وحليفاتها إلى روسيا، وجاءت معونة بريطانيا وحليفاتها إلى ستالين المنهزم المغلوب وأنقذته وجيوشه من الفناء المحتم وتساقط الثلوج، وأصبح جيش الألمان يلتحف السماء ويمشي على الأرض ودرجة برودتها 30 تحت الصفر في الأوحال والأمطار والزمهرير لأن شتاء روسيا قاتل.
ولما هجم الشتاء بقره وببرده وثلوجه وصقيعه على الجيوش الألمانية وصارت تغطس إلى الأذقان في الوحول والمياه والمستنقعات المجمدة ما كان هتلر يحلم إلا بنصر عاجل شامل في خلال بضعة أسابيع، ولم يكن قد أعد عدته لتجهيز جيوشه بملابس الشتاء، فلقد كان ينقص جيشه الغازي الملابس الدافئة والغذاء الدافئ الذي لم يستحضر سلفًا لهذه المعارك الدائرة على خط قتال يبلغ طوله ثلاثة آلاف كيلومتر، وبما أن قادة الجيش الألماني كانوا قد فكروا في إعداد ملابس شتوية وتهيئة أكثر من عشرة ملايين ملابس للجنود وذلك في حين الزحف فإن هتلر لم يوافق لظنه أنه يكسب الحرب والانتصار في حرب صاعقية خاطفة، كما تم له في الغرب، وما كان في حسبانه أن يعود عشرات