عدوة الرايخ الألماني الثالث رقم 1، وبما أن روسيا لم تكن في نظر هتلر بقضها وقضيضها وبجيوشها ومعداتها سوى قصة يمكن أن تطوى صفحاتها في أيام معدودات، ولكن هتلر كان يعلم علم اليقين أن بريطانيا وحده هي القادرة على تغيير وجه الحرب فأمريكا لم تدخل الحرب بعد، واليابان تراقب التطورات عن كثب، وستالين يقف وقفة الحائر المرتجف الذي لا يعرف كيف يتحرك وما هي الخطوة التي ينبغي له أن يخطوها وفي أي اتجاه.
وكانت بريطانيا تشعر في قرارة نفسها بأن الوقوف وجهًا لوجه أمام قوات المحور المنتصرة ليس من الأمور الهينة وقد رأت الضرب المدوخ وأن تلك الجيوش الألمانية بعدما تذوقوا النصر وطعم المكاسب والمغانم صاروا يندفعون بكل قواهم نحو غزو جديد.
إن هتلر كان يحترم بريطانيا ويحاول جاهدًا استمالة ساستها إليه، غير أن بعض زعماء الألمان مثل غوبلز يكره بريطانيا ومثله من الزعماء غورينغ، ولما قامت القيادة الألمانية بوضع خطة لغزو بريطانيا وإعداد أساطيل بحرية ضخمة نزلت الجيوش الألمانية على سواحل بريطانيا الشرقية والجنوبية وجاء الجنرال فون برا وخينش رئيس أركان حرب القوات المسلحة العامة يستشير الزعيم في تحديد موعد الإنزال صرخ هتلر بوجهه قائلًا: دعونا من هذه المهزلة أنا لا أريد سحق بريطانيا، ومن أجل هذا أمر هتلر يوم انسحاب الجيش البريطاني من دنكرك بأن لا تتعدى جيوشه حدود دنكرك إلى أن تنتهي عملية الانسحاب، غير أن غوبلز وغوربنغ لم يتفقا على شيء في حياتهما كاتفاقهما على مهاجمة بريطانيا بقوة وعنف زائدين فما أمر هتلر بإلغاء عملية الإنزال ببريطانيا إلا قام غورينغ مصممًا على الهجوم عليها، وراحت طائرات الرائخ تصلي لندن وأمهات المدن البريطانية نيرانًا حامية بلا هوادة أولين، وكان الضعف والقلق يسودان إذاعاتها وصحفها إلى درجة أنها ما كانت لتحسن التعبير حتى في الدفاع عن نفسها، فضلًا عن الرد على الإذاعات الصاخبة منها.