قال الذهبي:" أول من زكى وجرح من التابعين - وإن كان قد وقع ذلك قبلهم - الشعبي وابن سيرين1، حفظ عنهما توثيق أناس وتضعيف آخرين، وسبب قلة ذلك في التابعين قلة متبوعهم من الضعفاء؛ إذ أكثر المتبوعين صحابة عدول، وأكثر المتبوعين في عصر الصحابة ثقات، ولا يكاد يوجد في القرن الأول الذي انقرض فيه الصحابة وكبار التابعين إلا الواحد، كالحارث الأعور2 والمختار الكذاب، فلما مضى القرن ودخل الثاني كان في أوائلهم من أوساط التابعين جماعة من الضعفاء الذين شعفوا غالبا من قبل تحملهم وضبطهم الحديث، فتراهم يرفعون الموقوف ويرسلون كثيرا، ولهم غلط، كأبي هارون العبدي.
فلما كان عند آخر عصر التابعين - وهو حدود الخمسين ومائة - تكلم في التوثيق والتضعيف أئمة"3.
ويوضح الذهبي في موقع آخر أن علم مصطلح الحديث اشتغل به كبار التابعين، يقول في علم الحديث ولا رأيت أهل الحديث فأوائلهم كان لهم شيخ عالي الإسناد بينه وبين الله تعالى واحد معصوم عن معصوم سيد البشر عن جبريل عن الله عزّ وجلّ، فطلبه مثل أبي بكر وعمر وابن مسعود وأبي هريرة الحافظ وابن عباس وسادة الناس طالت أعمارهم وعلا سندهم وانتصبوا للرواية الرفيعة، فحمل عنهم، مثل مسروق وابن المسيب والحسن البصري وعروة وأشباههم من أصحاب الحديث وأرباب الرواية والدراية والصدق والعبادة والإتقان والزهادة الذين من طلبتهم مثل الزهري وقتادة ... الخ4.