وَليُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِليْهِمْ لعَلهُمْ يَحْذَرُونَ} (?) فالإعداد الجهادي الحربي يواكب ويضارع في فضله الإعداد الفقهي والإعداد البياني، وينبغي أن لا تخلو الأمة الإسلامية من طائفتين هما ركيزتا المجتمع: المجاهدون والدعاة بكل مؤهلاتهم وخصائصهم ومقوماتهم، فالمجاهدون في سبيل الله يدافعون عن العقيدة وينافحون عن العرض والأرض ويستخرجون حقوق المستضعفين المضطهدين، والدعاة يتفقهون في الدين ومن ثم يدعون إلى الله تعالى ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على نور وبصيرة.

قال الإمام أبو السعود في الآية الشريفة: {ليَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} أي يتكلفوا الفقه فيه ويتجشموا مشاق تحصيلها {وَليُنذِرُوا قَوْمَهُمْ} أي: وليجعلوا غاية سعيهم ومرمى غرضهم من ذلك إرشاد القوم وإنذارهم {إِذَا رَجَعُوا إِليْهِمْ} وتخصيصه بالذكر لأنه أهم، وفيه دليل على أن التفقه في الدين من فروض الكفاية، وأن يكون غرض المتعلم الاستقامة والإقامة، لا الترفع على العباد والتبسط في البلاد (?)

والتفقه في الدين ينتظم فيما ينتظمه (إعداد الدعاة) وهو باب واسع يشتمل على جوانب متعددة ومسالك متنوعة ومراحل مختلفة منها: الإعداد العلمي، والإعداد التربوي، والإعداد النفسي الروحي، والإعداد الخُلقي، والإعداد البلاغي والإعلامي، كما أن آلية الإعداد تختلف باختلاف النوع، وهي ما تسمى بمسميات متنوعة منها التطبيق والتدريب والممارسة والتجريب والتعويد والتربية والتوظيف وكل أولئك من فقه واجبات الدعاة.

ولعل من أجل المضامين العالية والمطالب السَّنِية في إعداد الدعاة (الإعداد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015