غير أنّ ما استدلّ به الجرجانيّ لا يعدّ أمراً حاسماً لاشتقاق المعرَّب أو الدّخيل من العربيّة، وتكلّف أصولٍ له من أصولها؛ فما جاء منه نحو: (المُزَرِّج) إنّما يحمل على التّوهّم؛ كما في (تَمَسْكَنَ) و (تَمَدْرَعَ) ونحوهما؛ وهو كثيرٌ في كلامهم. ولذلك أرى صحّة ما ذهب إليه الفريق الأوّل؛ وهم أكثر أهل اللّغة؛ لقوّة ما احتجّوا به؛ ولأنّ التّمادي في الاستدلال على أصل المعرّب بالاشتقاق منه في العربيّة قد يؤدّي إلى شيءٍ من تعميةٍ وتضليلٍ؛ كاستدلال بعضهم على أنّ أصل (المَنْجَنِيق) : (ج ن ق) لقولهم: جَنَقُونا ونُجْنَق
وقد أدّت محاولات بعضهم لإخضاع المعرّب والدّخيل إلى مقاييس العربيّة في الأصول إلى التّداخل في موادّها، ووضع كثيرٍ منه في غير أصله؛ كوضع الجوهريّ كلمة (الإستَبْرَق) وهو: الدِّيباج الغليظ في (ب ر ق) 1 مع نصّه على أنّه معرّبٌ، ويبدو أنّه جعله على وزن (اسْتَفْعَلَ) ولا وجه له؛ لأنّ الهمزة مقطوعةٌ؛ وهي أصليّةٌ، وكذلك السّين والتّاء؛ ولأنّ الكلمة معرّبةٌ من الفارسيّة وأصلها (إِسْتفْرَه) أو (إِسْتَرْوَهْ) 2.
ويبدو أنّ الجوهريّ لم يكن على يقين من هذا الأصل؛ فأعاد الكلمة في أصلٍ آخر؛ وهو (س ر ق) 3 فأغرب بذلك؛ إذ لا وجه لهذا الأصل؛ لأنّه حكم بزيادة الباء مع الهمزة والتّاء، والأول أقرب؛ إذ فيه حملٌ على قياس لغة العرب.