وممّن اختاروا مذهب سيبويه: ابن جنّي1 الّذي يعدُّ خير من علّل مذهب سيبويه وأبرز حجّته؛ فذكر أنَّ سيبويه كان يرى أنَّه لمّا كان (طَأْمَنَ) مجرّداً من الزّوائد، و (اطْمَأَنَّ) مزيداً فيه، ولم يُمسع (طَمْأَنَ) من غير زيادة2؛ فينبغي أن يكون المجرّد هو الأصل، وهو (طَأْمَنَ) والمزيد فيه هو المقلوب؛ وهو (اطْمَأَنَّ) لأنَّ الزّيادة إذا لحقت الكلمة لحقها ضربٌ من الوَهَن "لأنَّ مخالطتها شيء3 ليس من أصلها مزاحمة لها… وإذا كان في الزّيادة طرف من الإعلال للأصل كان أن يكون القلب مع الزِّيادة أولى؛ وذلك أنَّ الكلمة إذا لحقها ضربٌ من الضّعف أسرع إليها ضعفٌ آخر؛ كحذفهم ياَء حَنِيفَةَ في الإضافة إليها لحذف تائها في قولهم: حَنَفِيٌّ، ولمّا لم يكن في: حَنِيفٍ تاءٌ تُحذف فيحذف ياؤها جاء في الإضافة إليه على أصله، فقالوا: حَنِيفِيٌّ"4.

وانبرى ابن جنّي إلى رأي الجَرميّ محاولاً إبطال حجّته الّتي تقوّي مذهبه؛ فقال: "فإن قال أبو عُمَر: جَرْيُ المصدر على: اطْمَأَنَّ، يدلّ على أنّه هو الأصل، وذلك قولهم: الاطْمِئْنَان- قيل: قولهم: الطَّاْمَنَةُ، بإزاء قولهم: الاطْمِئْنَان فمصدر بمصدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015