وفي الحقّ أنّ ما ذهب إليه ابن قتيبة تأباه اللُّغة، ولهذا ردّوا عليه، وغلّطوه من وجهين:

الأوّل: ما ذكره الأزهرِيّ بقوله: "وقول القتيبيّ: أصل المِحال: الحِيْلَة: غلطٌ فاحشٌ، وأحسبه توهّم أنّ ميم المِحال ميم (مِفْعَل) وأنّها زائدة؛ وليس الأمر كما توهّمه؛ لأنّ (مِفْعلاً) إذا كان من بنات الثّلاثة - فإنّه يجيء بإظهار الواو والياء؛ مثل: المِزْوَد والمِرْوَد والمِجْوَل والمِحْوَر والمِزْيَل والمِعْيَر وما شاكلها، وإذا رأيتَ الحرف على مثال (فِعَال) أوّله ميمٌ مكسورةٌ فهي أصليّةٌ؛ مثل ميم: مِهَادٍ ومِلاكٍ ومِرَاسٍ ومِحَال، وما أشبهها"1.

والوجه الثّاني ما ذكره أبو عليّ2؛ وهو أنّ المصادر لا تكون على (مِفْعَل) .

وثمّة لغةٌ في المِحَال؛ وهي فتح الميم، وقد قُرِئ بها في الشّواذّ3؛ وعليها يَصِحّ ما ذهب إليه ابن قتيبة؛ فالمَحال في هذه القراءة (مَفْعَل) من الحِيلة؛ إذ يقال: ما له حيلة ولا محالة؛ فيكون تقديره: شديد الحيلة عليهم4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015