ومن أوائل من فطن إلى هذا المعنى الاصطلاحي إمام العربية ابن جني؛ وهو أول من استخدم عبارة (تَدَاخُلِ الأُصُولِ) فيما وصل علمي إليه؛ إذ عقد باباً لذلك عنوانه: (باب في تداخل الأصول الثلاثية والرباعية والخماسية) 1 وذكر جملة من أمثلته، وبحث في أصولها، ولكنه بحث التداخل من جانب واحد فحسب. فتداخل الأصول؛ الذي أعنيه في هذا البحث؛ ذو شقين:

أحدهما: أن يتوارد أصل أو أكثر على كلمة؛ مما يؤدي إلى التداخل مع أصلها الحقيقي؛ فيلتبس الأصلان أو الأصول؛ كـ (المكان) يتوارد عليه أصلان؛ فيتداخلان؛ وهما (م ك ن) و (ك ون) ويتوارد على (الترقوة) ـ وهي القَلْت بين العنق ورأس العضد ـ ثلاثة أصول؛ فتتداخل؛ وهي (ر ق و) و (ر ق ي) و (ت ر ق) وهذا هو الشق الأكبر من (تداخل الأصول) .

أما الشق الثاني من التداخل؛ ـ وهو أقل كثيراً من سابقه ـ فهو ما عناه ابن جني؛ وهو: أن يتشابه الأصلان في الحروف أو في أكثرها مع اتفاقهما في المعنى؛ كـ (رَخْوٍ) و (رِخْوَدٍّ) 2، و (ضَيَّاطٍ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015