وَذهب المنتمون إِلَى أبي حنيفَة رض من عُلَمَاء الْأُصُول إِلَى أَن الْأَفْعَال تقسم إِلَى ثَلَاثَة أَقسَام
فَمِنْهَا مَا يسْتَقلّ الْعقل بدرك حسنه وقبحه بديهة كحسن الصدْق الَّذِي لَا ضَرَر فِيهِ وقبح الْكَذِب الَّذِي لَا نفع فِيهِ
وَمعنى اسْتِقْلَال الْعقل بدرك ذَلِك عِنْدهم أَنه لَا يتَوَقَّف على إِخْبَار مخبر
وَمِنْهَا مَا يدْرك حسنه وقبحه بِنَظَر الْعقل كحسن الصدْق الْمُشْتَمل على الضَّرَر وقبح الْكَذِب الْمُشْتَمل على النَّفْع
وَمِنْهَا مَا لَا يسْتَقلّ الْعقل بدرك حسنه وقبحه أصلا دون تَنْبِيه الشَّرْع عَلَيْهِ كحسن الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْحج وَالزَّكَاة وقبح تنَاول الْخمر وَالْخِنْزِير وَلُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة
وَزَعَمُوا أَن أَمر الشَّرْع فِي هَذَا الْقسم وَنَهْيه كاشف عَن وَجه حسن هَذِه الْأَفْعَال وقبحها لعلمه بِأَن امْتِثَال أمره فِيهَا يَدْعُو إِلَى المستحسنات الْعَقْلِيَّة وَكَذَلِكَ التّرْك فِي نقيضها من المناهي
وَاحْتَجُّوا على كَون الْعقل مدْركا لمعْرِفَة الْحسن والقبح بِأَن