الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: تؤمن بالله ورسوله؟

قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. قالت (?) : ثم مضى حتى إذا كنا بالشّجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة، فقال له صلّى الله عليه وسلم كما قال أول مرة، قال: لا، قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. قالت: ثم رجع فأدركه بالبيداء، فقال له كما قال أول مرة: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: فانطلق.

قال القاضي أبو الفضل عياض في «الإكمال» : كافة العلماء على الأخذ بهذا الحديث والتمسك بهذه السنة، وهو قول مالك وغيره؛ قال مالك وأصحابه: لا بأس أن يكونوا نواتية أو خداما. قال ابن حبيب: ويستعملون في رمي المجانيق، وكره رميهم بالمجانيق غيره من أصحابنا، وأجاز ابن حبيب أن يستعمل من سالمه منهم في قتال من حاربه منهم، ويكونوا ناحية من عسكره لا في داخله. وقال بعض علمائنا: إنما قال النبي صلّى الله عليه وسلم هذا في وقت مخصوص لا على العموم، واختلف بعد إذا استعين بهم ما يكون لهم: فذهب الكافة مالك والشافعي وأبو حنيفة وأبو ثور إلى أنه لا يسهم لهم، وذهب الزهري والأوزاعي إلى أن لهم كسهام المسلمين، وهو قول سحنون إذا كان جيش المسلمين إنما قوي بهم، وإلا فلا شيء لهم. وقال الشافعي مرة: لا يعطون من الفيء شيئا ويعطون من سهم النبي صلّى الله عليه وسلم. وقال قتادة: لهم ما صولحوا عليه في ذلك.

فائدة لغوية:

حرّة الوبرة- بفتح الواو والباء معا، وتروى بسكون الباء- قاله القاضي في «الإكمال» والشجرة والبيداء كلها أسماء مواضع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015