وذكر ابن جماعة رحمه الله تعالى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر ببناء المسجد فبني باللبن، وجعلت عضادتاه بالحجارة، وسواريه جذوع النخل، وسقفه الجريد، وجعل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفي الجانبين الآخرين مثل ذلك، فهو مربع، ويقال كان أقلّ من المائة، وجعل الأساس قريبا من ثلاثة أذرع على الأرض بالحجارة ثم بنوه باللبن، ثم بني النبي صلّى الله عليه وسلم مساكنه إلى جنب المسجد باللبن، وسقفها بجذوع النخل والجريد. انتهى.
وقد تقدّم في باب إمام صلاة الفريضة قول السهيلي في «الروض الأنف» (4: 267) أن بيوت النبي صلّى الله عليه وسلم كانت تسعة، بعضها من جريد مطيّن بالطين، وسقفها جريد، وبعضها من حجارة مرضومة بعضها على بعض مسقفة بالجريد أيضا، وكان لكلّ بيت حجرة، وكانت حجرة النبي صلّى الله عليه وسلم أكسية من شعر مربوطة بخشب عرعر. انتهى.
الدكان لجلوسه صلّى الله عليه وسلم:
ذكر أبو محمد ابن حيان رحمه الله تعالى في «كتاب أخلاق النبي صلّى الله عليه وسلم» (66) عن أبي هريرة وأبي ذر رضي الله تعالى عنهما قالا «1» : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب ولا يدري أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إليه أن يجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانا من طين، فكان يجلس عليه ونجلس بجانبيه.
فوائد لغوية في ثمان مسائل:
الأولى: في «المحكم» : البناء نقيض الهدم، بناه بنيا وبناء وبنيانا وابتناه، والبناء: المبنيّ، والجمع أبنية، وأبنيات جمع الجمع، والبنّاء مدبّر البنيان وصانعه، والبنية والبنية: ما بنيته. وفي «الجامع» : البنية والبنية: اسم الشيء