روى البخاري (8: 119- 121) رحمه الله تعالى عن مجاهد أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه كان يقول: والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمرّ أبو بكر رضي الله تعالى عنه فسألته عن آية من كتاب الله تعالى، ما سألته إلا ليشبعني، فمرّ فلم يفعل، ثم مرّ بي عمر رضي الله تعالى عنه فسألته عن آية من كتاب الله تعالى، ما سألته إلّا ليشبعني، فمرّ فلم يفعل، ثم مرّ بي أبو القاسم صلّى الله عليه وسلم وشرّف وكرّم فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما وفي وجهي: فقال: أبا هرّ (?) ، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الحق، ومضى فاتّبعته، فدخل فاستأذن فأذن لي، فدخل فوجد لبنا في قدح، فقال: من أين هذا اللبن؟ قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، قال: أبا هر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي، قال: وأهل الصفّة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك فقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أحقّ أن أصيب من هذا اللبن شربة اتقوّى بها، فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللّبن؟! ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بدّ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من