وقال أبو عمر ابن عبد البر في «الاستيعاب» (542) : زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، أبو أسامة، مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ونسبه كما نسبه ابن هشام وابن حزم، ووصل نسبه بقحطان؛ قال: وكان ابن إسحاق (1: 247) يقول: زيد بن حارثة بن شرحبيل، ولم يتابع على قوله: شرحبيل، وإنما هو شراحيل. وأم زيد:
سعدى بنت ثعلبة بن عامر من بني معن بن طيء. وكان زيد رضي الله تعالى عنه أصابه سباء في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لخديجة بنت خويلد، فوهبته لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، فتبناه رسول الله صلّى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة وهو ابن ثمان سنين، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم أكبر منه بعشر سنين، وقد قيل بعشرين سنة، وطاف به رسول الله صلّى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابني وارثا وموروثا، يشهدهم على ذلك. وقال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزلت: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ (الأحزاب: 5) . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: خرجت سعدى بنت ثعلبة أم زيد بن حارثة، وهي امرأة من طيء تزور قومها وزيد معها، فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية فمروا على أبيات بني معن رهط أمّ زيد فاحتملوا زيدا وهو يومئذ غلام يفعة فوافوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع فاشتراه منهم حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهبته له.
وقال أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده «1» : [من الطويل]
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحيّ يرجّى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وإن كنت سائلا ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة ... فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
تذكرنيك الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطّفل