مغادرتها، فتوجه إلى فاس حيث كلف بأعباء خطة الأشغال السلطانية- كما كان حاله في تلمسان- في أيام السلطان المريني أبي عنان فارس الملقب بالمتوكل على الله (749- 759) .
وبقي عليّ حتى آخر حياته في خدمة سلاطين بني مرين: ظل كاتب الأشغال السلطانية لأبي يحيى أبي بكر السعيد بالله (759- 760) ثم من بعده لأبي سالم إبراهيم (760- 762) في الوظيفة نفسها، وأضاف إليه أبو سالم كتابة العلامة أو «خطة القلم الأعلى» ، وكان معاصرا ومزاملا لأبي القاسم ابن رضوان، صاحب كتاب الشهب اللامعة في السياسة، في بلاط ذلك السلطان، واستمر على ذلك في فترة حكم أبي زيان محمد المنتصر بالله (763- 767) وحكم أبي فارس عبد العزيز المستنصر بالله (768- 774) وحكم ابنه أبي زيان السعيد بالله (774- 776) .
تلقى علي دراسته في تلمسان فدرس على شيوخها وفي مقدمتهم العالم التلمساني الكبير أبو عبد الله ابن مرزوق (- 781) وله منه إجازة؛ ومن شيوخه أيضا محمد بن أبي بكر البلفيقي الشهير بابن الحاج (- 771) . وقد تنبه عبد الحيّ الكتاني إلى أن أخذ الخزاعي عن مثل هذين الشيخين- وهما يكادان يكونان من أقرانه ولداته في العمر- ربما دلّ على أنه «كان قليل الرواية أو إنما روى واستجاز في كبره» (?) .
ومهما يكن من شيء فإن نشأته الثقافية كانت تؤهله للكتابة في الديوان، فقد عرف بمهارته في الحساب، حتى قال فيه ابن الأحمر: «ومعرفته بالحساب تستغرق العقول، إذ أربت عن حد الحصر والمعقول» (?) . وكان حسن التحصيل في الأدب والنحو واللغة، هذا إلى إلمام بفروع الفقه والحديث وقدرة على نظم الشعر؛ وقد أورد له ابن الأحمر قصيدة في مدح المتوكل على الله (?) ، وأورد له ابن القاضي مقطوعة قالها حين عثرت بموسى بن أبي عنان المريني فرسه؛ وكان أيضا معروفا بجودة الخطّ؛ وكل هذه الوسائل الثقافية أعدته ليكون صاحب الأشغال السلطانية، تلك «الوظيفة» التي تشبه أن تكون وراثية في أسرته، لأنها تعتمد كثيرا على الشؤون الحسابية؛ ولعله اعتمد