قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى في كتابه «في أحكام القرآن» (4: 1631) هذه ولاية غريبة أحدثها من تأخّر من الولاة لفساد الولاية وفساد الناس «1» ، وهي عبارة عن كلّ حكم يعجز عنه القاضي فينظر فيه من هو أقوى يدا منه، وذلك أن التنازع إذا كان بين ضعيفين قوّى أحدهما القاضي، وإذا كان بين قوي وضعيف، أو قويين والقوة في أحدهما بالولاية، كظلم الأمراء أو العمال، فهذا مما نصب له الخلفاء أنفسهم، وأول من جلس إليه عبد الملك بن مروان.
قال الماوردي في «أحكامه» (78) : فكان عبد الملك إذا وقف منها على مشكل، أو احتاج فيها إلى حكم ينفذ ردّه إلى قاضيه أبي إدريس الأودي، فكان القاضي هو المنفذ وعبد الملك هو الآمر.
قال القاضي أبو بكر ابن العربي في «أحكام القرآن» (4: 1631) أيضا: ثم جلس له عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فردّ مظالم بني أمية على المظلومين، إذ كانت في أيدي الولاة والعتاة الذين تعجز عنهم القضاة.
وذكر المطرّز في «اليواقيت» عن ابن الأعرابي قال: كان ملك من ملوك بني مروان إذا أراد أن يقعد للمظالم أقام غلاما حسن الوجه ينشد: [من السريع]
إنّا إذا مالت دواعي الهوى ... واستمع الصامت للقائل
واصطرع الناس بألبابهم ... بالمنطق الجائر والعادل