فقال: أوقد فعلوها؟! قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا؟! والله؛ ما أعدُّنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك! أما والله؛ لئن رجعنا إلى المدينة؛ ليخرجن الأعز منها الأذل. ثم أقبل على من حضره من قومه، فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم! أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله؛ لو أمسكتم عنهم بأيديكم؛ لتحولوا إلى غير داركم. فسمع ذلك زيد بن أرقم، فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك عند فراغ رسول الله من عدوه، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال: مر به عباد بن بشر؛ فليقتله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟! لا، ولكن؛ أذن بالرحيل)) ؛ وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها. فارتحل الناس، وقد مشى عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه، فحلف بالله؛ ما قلت ما قال ولا تكلمت به. وكان في قومه شريفاً عظيماً، فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من أصحابه: يا رسول الله! عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل! حدباً على ابن أبي بن سلول ودفعاً عنه.
- (6/3576) .
- صحيح.
- رواه: البخاري، ومسلم، والترمذي.
انظر: ما قبله.
857 - قوله: قال ابن إسحاق: فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار؛ لقيه أسيد بن حضير، فحياه بتحية النبوة، وسلم عليه، ثم قال: يا نبي الله!