لقد رأينا الجنون وعرفناه؛ فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته. قالوا: فنقول: شاعر. قال: ما هو بشاعر؛ لقد عرفنا الشعر كله؛ رجزه وهزجه، وقريضه ومقبوضه ومبسوطه؛ فما هو بالشعر! قالوا: فنقول: ساحر! قال: ما هو بساحر؛ لقد رأينا السحار وسحرهم؛ فما هو بنفثهم ولا عقدهم. قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله؛ إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً؛ إلا عرف أنه باطل! وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا: هو ساحر، جاء بقول هو سحر، يفرق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته، فتفرقوا عنه بذلك, فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد؛ إلا حذروه إياه، وذكروا له أمره!)) .
- (2/1076) .
- رواه ابن إسحاق عن شيخه محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، وهو مجهول، بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما، ومن طريقه ابن جرير في ((التفسير)) مختصراً.
- وروى نحوه الحاكم في ((المستدرك)) ، ومن طريقه البيهقي في ((الدلائل)) ؛ عن أبي عبد الله محمد بن علي الصنعاني عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وهذا الإسناد صحيح لو كان إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه كما عدَّه ابن كثير في ((البداية والنهاية)) ، وتبعه الوادعي في
((أسباب النزول)) ، وكذا يُفهم من صنيع الحاكم والذهبي لما جعلاه على شرط البخاري.
ولكني أخشى أن يكون إسحاق هذا هو ابن إبراهيم الدَّبري الصنعاني، صاحب عبد الرزاق، وهو ليس من رجال الستة، والذي جعلني أقول ذلك أمران:
أولهما: أن الواحدي في ((أسباب النزول)) رواه بإسناده عن محمد ابن علي