1 - حَدِيث معَاذ الطَّوِيل "إِن الله تَعَالَى خلق سَبْعَة أَمْلَاك قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض، ثمَّ خلق السَّمَوَات فَجعل لكل سَمَاء من السَّبْعَة ملكا بوابا عَلَيْهَا قد جللها عظما فتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد من حِين أصبح إِلَى حِين أَمْسَى، لَهُ نور كنور الشَّمْس، حَتَّى إِذا صعدت بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا زكته فكثرته فَيَقُول الْملك للحفظة: اضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه، أَنا صَاحب الْغَيْبَة أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمل من اغتاب النَّاس يجاوزني إِلَى غَيْرِي «قَالَ» ثمَّ تَأتي الْحفظَة بِعَمَل صَالح من أَعمال العَبْد فتمر بِهِ فتزكيه فتكثره حَتَّى تبلغ بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّانِيَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا: قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه إِنَّه أَرَادَ بِعَمَلِهِ هَذَا عرض الدُّنْيَا أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي إِنَّه كَانَ يفتخر بِهِ عَلَى النَّاس فِي مجَالِسهمْ «قَالَ» وتصعد الْحفظَة بِعَمَل يبتهج نورا من صَدَقَة وَصِيَام وَصَلَاة قد أعجب الْحفظَة فيجاوزون بِهِ إِلَى السَّمَاء الثَّالِثَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا: قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه، أَنا ملك الْكبر أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي إِنَّه كَانَ يتكبر عَلَى النَّاس فِي مجَالِسهمْ «قَالَ» وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد يزهر كَمَا يزهر الْكَوْكَب الدُّرِّي لَهُ دوِي من تَسْبِيح وَصَلَاة وَحج وَعمرَة حَتَّى يُجَاوز بِهِ السَّمَاء الرَّابِعَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا: قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه اضربوا بِهِ ظَهره وبطنه، أَنا صَاحب الْعجب أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي أَنه كَانَ إِذا عمل عملا أَدخل الْعجب فِي عمله «قَالَ» وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد حَتَّى يجاوزا بِهِ السَّمَاء الْخَامِسَة كَأَنَّهُ الْعَرُوس المزفوفة إِلَى أَهلهَا فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا: قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه واحملوه عَلَى عَاتِقه أَنا ملك الْحَسَد إِنَّه كَانَ يحْسد النَّاس من يتَعَلَّم وَيعْمل بِمثل عمله وكل من كَانَ يَأْخُذ فضلا من الْعِبَادَة يحسدهم وَيَقَع فيهم أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي «قَالَ» وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد من صَلَاة وَزَكَاة وَحج وَعمرَة وَصِيَام فيجاوزون بهَا إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا: قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه أَنه كَانَ لَا يرحم إنْسَانا قطّ من عباد الله أَصَابَهُ بلَاء أَو ضرّ أضرّ بِهِ بل كَانَ يشمت بِهِ، أَنا ملك الرَّحْمَة أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي «قَالَ» وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة من صَوْم وَصَلَاة وَنَفَقَة وَزَكَاة واجتهاد وورع لَهُ دوِي كَدَوِيِّ الرَّعْد وضوء كضوء الشَّمْس مَعَه ثَلَاثَة آلَاف ملك فيجاوزون بِهِ إِلَى السَّمَاء السَّابِعَة فَيَقُول لَهُم الْملك الْمُوكل بهَا: قفوا واضربوا بِهَذَا الْعَمَل وَجه صَاحبه، اضربوا بِهِ جوارحه اقفلوا بِهِ عَلَى قلبه إِنِّي أحجب عَن رَبِّي كل عمل لم يرد بِهِ وَجه رَبِّي إِنَّه أَرَادَ بِعَمَلِهِ غير الله تَعَالَى، إِنَّه أَرَادَ رفْعَة عِنْد الْفُقَهَاء وذكرا عِنْد الْعلمَاء وصيتا فِي الْمَدَائِن، أَمرنِي رَبِّي أَن لَا أدع عمله يجاوزني إِلَى غَيْرِي، وكل عمل لم يكن لله خَالِصا فَهُوَ رِيَاء وَلَا يقبل الله عمل الْمرَائِي «قَالَ» وتصعد الْحفظَة بِعَمَل العَبْد من صَلَاة وَزَكَاة وَصِيَام وَحج وَعمرَة وَخلق حسن وَصمت وَذكر لله تَعَالَى وتشيعه مَلَائِكَة السَّمَوَات حَتَّى يقطعوا بِهِ الْحجب كلهَا إِلَى الله عز وَجل فيقفون بَين يَدَيْهِ وَيشْهدُونَ لَهُ بِالْعَمَلِ الصَّالح المخلص لله «قَالَ» فَيَقُول الله لَهُم أَنْتُم الْحفظَة عَلَى عمل عَبدِي وَأَنا الرَّقِيب عَلَى نَفسه إِنَّه لم يردني بِهَذَا الْعَمَل وَأَرَادَ بِهِ غَيْرِي فَعَلَيهِ لَعْنَتِي، فَتَقول الْمَلَائِكَة كلهم: عَلَيْهِ لعنتك ولعنتنا، وَتقول السَّمَاوَات كلهَا: عَلَيْهِ لعنة الله ولعنتنا وتلعنه السَّمَاوَات السَّبع وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ" قَالَ معَاذ: قلت يَا رَسُول الله أَنْت رَسُول الله وَأَنا معَاذ قَالَ «اقتد بِي وَإِن كَانَ فِي عَمَلك نقص، يَا معَاذ حَافظ عَلَى لسَانك من الوقيعة فِي إخوانك من حَملَة الْقُرْآن واحمل ذنوبك عَلَيْك وَلَا تحملهَا عَلَيْهِم وَلَا تزكي نَفسك بذمهم وَلَا ترفع نَفسك عَلَيْهِم وَلَا تدخل عمل الدُّنْيَا فِي عمل الْآخِرَة وَلَا تتكبر فِي مجلسك لكَي يحذر النَّاس من سوء خلقك، وَلَا تناج رجلا وعندك آخر وَلَا تتعظم عَلَى النَّاس فَيَنْقَطِع عَنْك خير الدُّنْيَا، وَلَا تمزق النَّاس فتمزقك كلاب النَّار يَوْم الْقِيَامَة فِي النَّار قَالَ الله تَعَالَى {والناشطات نشطا} أَتَدْرِي من هن يَا معَاذ» ؟ قلت: مَا هن بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله؟ قَالَ «كلاب فِي النَّار تنشط اللَّحْم والعظم» قلت: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله فَمن يُطيق هَذِه الْخِصَال وَمن ينجو مِنْهَا؟ قَالَ «يَا معَاذ إِنَّه ليسير عَلَى من يسره الله عَلَيْهِ» .
بِطُولِهِ فِي صعُود الْحفظَة بِعَمَل العَبْد ورد الْمَلَائِكَة لَهُ من كل سَمَاء ورد الله تَعَالَى لَهُ بعد ذَلِك عزاهُ المُصَنّف إِلَى رِوَايَة عبد الله بن الْمُبَارك بِإِسْنَادِهِ عَن رجل عَن معَاذ وَهُوَ كَمَا قَالَ رَوَاهُ فِي الزّهْد وَفِي إِسْنَاده كَمَا ذكر من لم يسم، وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات.